الوحدة:21-3-2024
من وحي المناسبة ورسالتها المقدسة – عيد المعلم – يتبادر إلى الأذهان مجموعة من التساؤلات فيما يخص هذا القطاع الهام والحيوي قياساً لدوره الأساسي ومكانته السامية في المجتمع، والبداية مع السؤال الأكثر أهمية والذي يختصر في طياته مجموعة من العوامل والأسباب التي كرست لهذا الواقع الحالي: هل التعليم بخير؟ و هل مازال المعلمون – بناة الأجيال – يَهَبون العلمَ لطلابه برغبة، ومهنية، وبضمير مرتاح؟ أم أن ظروف الحرب والوضع المعيشي دَخلا على خط التعليم وأجبرا المعلم على التفكير بوسائل أخرى لدعم الراتب الذي لايكفيه إلا لأيام قليلة؟ فكيف له أن يقدم كل طاقته وجهده وعلمه بضمير مرتاح، ومعدته (جائعة)؟
وفي الطرف الآخر، نجد أن التعليم الخاص والدروس الخصوصية صارت أمراً واقعاً في حياتنا، فرغم أنها (عبء على الأهالي) إلا أنها، فرضت نفسها كشرّ لابدّ منه ليصل أبناؤنا الطلبة، بمختلف مراحلهم إلى بر الأمان، وعبور هذا البرّ لايكون إلاّ بنَيل (شهادة الثانوية العامة) بعلامات تؤهل لفرع مهم في الجامعة..
ويبرز هنا سؤال آخر: أين دَور إدارات المدارس والهيئات التدريسية؟ وأين الملاحقة والمتابعة لمديرية التربية، بهذا الحيز المهم والخطير على مستقبل شبابنا وتالياً على مستوى وطن؟
أين حالات الضبط للمعاهد الخاصة وأسعارها؟ وماذا عن انحراف وُجهة غالبية الأساتذة نحو التدريس الخصوصي على حساب الدراسة الطبيعية على مقاعد المدارس الحكومية الرسمية التي من المفترض ان تكون العون والمؤازر للطالب ولذويه؟
هل من حلول وسط هذه المعمعة المكلفة والباهظة الثمن ترضي المدرّس، والطالب، والأهالي معاً؟
و نختم بالقول: على الرغم من الصورة المبهمة لواقع التعليم في بلدنا خاصة في ظل ما يرافقه من قرارات اعتباطية تارة وتجريبية تارة أخرى وما يترتب على ذلك من آثار سلبية خاصة بالنسبة للطلبة الذين ترافقهم ظروف استثنائية (معيشية وكهربائية وأزمات نقل وطقس…)، إلا أننا نستطيع النظر إلى الحالات الإيجابية الكثيرة التي يتجاوز فيها أصحابها من المعلمين والطلبة ظروفهم الصعبة ويتخطون عتبة اليأس والفشل إلى مراحل متقدمة من الإنجازات الرائعة والتي لربما تكون قد تحققت من خلال جهود فردية أحياناً أو من خلال تعاون مثمر بين عطاء متفان للكادر التدريسي مع الأهل والطالب بعيداً عن الصفة التجارية للتعليم السائدة حالياً.. لكننا للأسف نعود للقول: إنّ الوضع في (جزء) من الواقع التعليمي ليس بخير ككثير من القطاعات الأخرى.. وحبذا لو تتضافر الجهود لتدارك هذا الواقع برمته أو على الأقل هذا ” الجزء” منه، على أمل أن تتبعه خطوات مدروسة ومتكاملة للنهوض به و تلافي ما يواجهه من عقبات و عثرات تحرفه عن مساره الأصيل والهام في المجتمع على اختلاف مستوياته ومراحله.
رنا رئيف عمران