العـــــدد 9368
الثــــــلاثاء 18 حزيــران 2019
عندما تمشي لا تنظر إلى أثر خطاك على الأرض، بل تفكّر بما تتركه أعمالك في نفوس الآخرين، فإن كنت رقيباً وحسيباً على ذاتك تكون خطاك ثابتة وتترك أثراً طيباً في النفوس.
لكن لا ننسى ما ستسوقه إليك أعمالك من متاعب أو راحة بال، فالوزر يبقى بنظر الناس قائماً والحسنة تبقى ساكنة.
فالعمل كالبذرة التي تزرع إما أن يجنى منها ثماراً طيبة وإما أن تكون كالأعشاب الضارة يجب التخلص منها، أي كالفكر والفكر الذي لا طائل منه، لذلك كن في دنياك كالنحلة إن أكلت تأكل طيباً وإن أطعمت تطعم طيباً، وصريحاً مع نفسك والتزم بقدراتك فمرضاة الضمير تفضي إلى السعادة، ولا تقيد أحلامك المباحة ففعل الشر بمقدور الإنسان القيام به بسبب وبدون سبب، أما فعل الخير يلزمه تضحية ورغبة.
وابتكر لنفسك عالماً خاصاً بل ينال رضاك لتكون سعيداً، وناضل في الحياة لتحقيق أمانيك فما من سعادة إلا بعد شقاء، فليعش أحدنا وكأنه في يومه الأخير ويمد يده بكأس مليء لعطشان فهناك من يأكل خبزه اليابس بالتنهد ويشرب الماء العكر ممزوجاً بالدمع والآهات، فهل من عدالة ومساواة على الأرض إلا في الولادة والموت؟ هذه مأساة إنسانية على مسرح الدهر بل سوق للمظالم.
الفقير يلاحقه البؤس حتى في أحلامه وحقوقه مدفونة والأمل يركض أمامه وينقلب إلى يأس فيقول رحماك يا نفس لقد أريتني السعادة على بعدٍ شاسع، وكأن قوى غير عاقلة تتحكم بالإنسان الذي يعيش ظلمة الحيرة.
فهناك من باع ضميره بلا ثمن وكسر ميزان العدالة وجعل الوجدان في غيبوبة، لكن هناك الحق والأمل يحومان حول انبثاق نور الشمس لعل بصائر النفس تعود ويرتقي الفكر إلى الحقيقة، ليرى المفسدون أنفسهم إنهم في ضلال.
فكل ما بالفكر يجب أن يتجسد إلى عمل وإلا مات في مهده، ولا يجب أن يكون العمل صفحة خالية من المعرفة، فأين النواميس التي لم تتبخر بعد لتعيد السكينة إلى قلب خفقانه عذاب وحرمان؟
نديم طالب ديب