بين الشـط والجبل …بطاقـــة شــــرف

العـــــدد 9364

12 حزيــران 2019

 

 

هل تكفي بطاقة الشرف التي تقدمها الدولة لجريح الحرب أو لأسرة شهيد لتكون وساماً أم هدية؟
يقول طبيب في مشفى عام بألم أنه يخجل أمام جريح الحرب أو أمام أب أو أم أو زوجة شهيد حين لا يستطيع تقديم المزيد من الخدمات لهم لقاء إبراز البطاقة التي فقدت قيمتها مع مرور الأيام، وازدياد عدد الشهداء، وجرحى الحرب . .
كبر عددهم وازداد، وكثرت المعاناة، وقلت الموارد، وبرز العجز في كثير من المجالات والحالات.
وقف الطبيب الإنسان عاجزاً غاضباً، حزيناً أمام مساعدات يحتاجونها، وتضحيات قدموها لا تضاهيها أية مساعدة، ولا قيمة مادية.
في الحي حيث أسكن، أوقفتني سيدة عجوز لأنني صحفية، قالت إنها أم لشهيدين وهي مريضة سكري وضغط، وقد تم إيقاف دعمها صحياً عبر بطاقة الشرف التي تحملها كوسام بعدما قدمت للوطن أغلى ما تملك، وكانت تستخدمها سابقاً لدى مراجعة المشافي العامة بالمحافظة.
قلت متجاهلة ألمها ومصابها وخيبتها: لماذا لا تذهبين إلى المركز الصحي الخاص بمرضى السكري؟ هناك يمكنهم مساعدتك، وتقديم الدواء اللازم لحالتك كمواطنة سورية أولاً، وكمريضة دون حاجة لبطاقتك المؤلمة هذه، ضعيها في خزانة الملابس حيث تخبئين آثار الشهيدين، ضميها لذكريات لن تنسى . .
وأضافت: المشفى الحكومي يفتح أبوابه على مصراعيها في كل ساعة، ودقيقة للإسعاف، وفي العيادات المختلفة فيه، ليتك تستطيعين الانفصال عن بطاقة الشرف التي تحملينها وتعودين إلى نفسك.
لم يعجبها ما قلت، رمقتني بنظرة غضب وقهر، لم أستطع تصور نفسي للحظة واحدة مكان هذه المرأة الحزينة التي تودع حياتها بملء إرادتها بعدما ودعت نبض الروح ونور العينين، ولديها.
لها كل الحق، ولي كل الحق، وللطبيب الانسان الذي يقف عاجزاً بعد أن يقدم ما لديه . . وكفى.
حالات عديدة وقف الطب عاجزاً أمام حلها، وحالات كثيرة تمت معالجتها، لكن لا شيء يعوض عن فقدان قدم أو رجل بكاملها أو عين أو يد.
هل نعيد إحياء هذه البطاقة لدعم روح حاملها قبل جسده؟ هل نعيد إعمار ما تهدم من الإنسان السوري قبل بيته، وشارعه، ومؤسسته؟

سعاد سليمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار