العــــــــــــــدد 9363
الثلاثـــــــاء 11 حزيران 2019
في زمن الحرب والنار والدمار، في زمن غاب فيه الصمت عن الكلام، وانتشرت القصص والروايات، والجوع والجثث… باتتْ الطرقات مجروحة بما تحمله من مشاهد وأخبار، والمدن تضيق بالناس الثكالى فتلفظهم في الأزقة والزوايا وعلى أرصفة الشوارع، كما يضيق البحر بالغرقى فيلفظهم على الشاطئ أو تأكلهم الحيتان.
وهكذا أصبح المجتمع أسماكاً وحيتاناً، مجتمع كالغابة فيه وحوش وغزلان، أفواه وأرانب..
في زمن الحرب والحكايا يروى أنّ رجلاً مسناً ضحى بأولاده الثلاثة في شرف الدفاع عن الأرض ولا تزال يده على زناد بندقيته، وكان على التصاق كبير بالأرض وتذكّر الماضي في حالة ترجيع لا تنتهي… وذات ليل ضغط على الزناد بقوة فأصاب الهدف وقتل من الأعداء ما قتل..
في زمن الحرب والأحاديث، أصابت رصاصة صدر موظف في ثيابه البيضاء، كان راتبه يكفيه شراء بعض الحاجيات والخبز وشيء من الدواء، إلى ما قبل نهاية كل شهر..
احتضنت الأرض ذاك الموظف وأنبتتْ على رمسه وروداً حمراء فتكامل سواد العيش وبياض الثياب وحمرة الورود وصار أشبه براية بلده.
وهناك عند حديقة البيت المنيف دعا صاحب الجلالة كلبه ونبّهه إلى الاهتمام بفعل الحراسة والمراقبة وإلّا فلا حصّة له من الطعام والشراب.. فنظر الكلب إليه وفكر ملياً ثم أطرق وهزًّ بعمق… ومضى ليل في ذاك اليوم ولم يعد.
في زمن الحرب جمع الحب بين قلبين هائمين في البحث عن لقمة العيش، لحفل زفاف وفي ليل العرس لم يحضر المأذون وشاهدا الزواج.. وبصمت شديد وسكون مطبق جمعا نفسيهما و(أولادهما) ومضيا بعزم تحت جنح الليل وملاذه.
بسام نوفل هيفا