الوحدة : 26-10-2023
في مادة صحفية حول أدب المقاومة نشرت في ملحق الثورة الثقافي يقول الكاتب أيمن المراد: “إنّ أدب المقاومة هو التعبير من خلال اللغة التي استحالت نصاً ومنصةً للدفاع عن الإنسان في معركته مع الآخر المعتدي، مع تعدّد هذا الآخر وتنوّعه وتلوّن صفاته.. فهذا النوع من الأدب قد يكون كل كلمة ونص وقصيدة ورواية ومقالة وأغنية وموقف ثقافي وفكري وأدبي في مواجهة المحتل والظالم وأعوانه “.
ونستطيع القول إن معظم النتاجات الأدبية – التي اتسمت مفرداتها وصورها بنفحات المقاومة واستقت ملامحها من المواقف البطولية على أرض الواقع – غالباً ما تقترن بمظاهر الإجلال والإكبار لمن يقومون بهذا العمل المجيد في ساحات العزة والكرامة وهم يحملون أرواحهم ويرخصون دماءهم فداء لوطنهم ونصرة لقضيتهم.
حول المقاومة في الشعر المعاصر، ودور هذا النوع من الشعر في إعلاء كلمة الحق وهدفه الأسمى في توثيق نضالات الشعوب وكفاحها لنيل حريتها وصون كرامتها وتحرير أراضيها من العدو بمختلف أشكاله وأساليبه، كان للوحدة اللقاء الآتي مع الشاعر نعيم علي ميا، حيث قال:
من الأهمّيّة بمكان الحديث عن ثقافة الانتماء مترافقة بثقافة الولاء، هاتان الثّقافتان هما المكوّن الأساس والحقيقيّ للمقاومة، إذ كيف للمرء أنْ يُقاوم دون أنْ يكون لديه مفهوم الانتماء رفقة مفهوم الولاء، وهنا من الضّروريّ أنْ نقرّ بأهمّيّة تحديد مقوّمات الانتماء ومعاييره الّتي يستند إليها، ولا أظنّه مفهوماً بعيداً عن أحد، فكلّ فردٍ منّا هو منتمٍ لكثير من الدّوائر الّتي تنصهر في دائرة الوطن، حيث تبرز قيمة الانتماء كما تبرز قيمة الولاء، فالوطن ليس مجرّد كلمة نكتبها أو نشيد نعزف موسيقاه، الوطن هو تاريخ الإنسان من ماضٍ وحاضر ومستقبل، ماضٍ نفتخر به ونعتزّ وقد أنجز أجدادنا ما أنجزوا فَسَادوا الأرض بالحكمة والاقتدار كما عمروها بالمحبّة، لنعيش حاضرنا على أمجاد ماضينا وهذا يتطلّب أنْ نعمل على استمرار الرّسالة ومتابعة المسيرة مع التّأكيد على الحفاظ على الهُويّة الوطنيّة، ولنا في التّاريخ الكثير من الدّروس الّتي نتعلّم منها معنى التّمسّك بالأرض والدّفاع عن العِرض.
هنا تأتي أهمّيّة المقاومة، مقاومة العدوان الّذي يسعى جاهداً ليزوّر الحقيقة، فنحن أبناء الحياة، والحياة لنا وبنا، ولأنّنا نحبّ الحياة نقاوم، لأنّنا نريد للحمائم أن تطير في سمائنا نقاوم، لأنّنا نريد للفراشات أن تحطّ على أزهارنا نقاوم، لأنّنا نريد لقوس قزح أنْ يزيّن سماءنا نقاوم، لأنّنا عاشقون للحبّ، للحياة، نحيا ونقاوم، المقاومة هي الفعل النّبيل الّذي يقوم به كلّ عاشقٍ للحياة، والحياة لا تكون إلّا مع الكرامة، ولا كرامة مع احتلال.
إنّما تكون المقاومة في الكلمة كما هي في السّلاح، ومن هنا نجد أدب المقاومة، كيف لا، والأديب ابن بيئته، ابن مجتمعه، ابن الحياة، وقد حمل الأديب (شاعراً – قاصّاً) على عاتقه كامل المسؤوليّة الّتي يحتّمها عليه التّاريخ، إذ نجد الأدب وقد أكّد أهمّيّة الانتماء للأرض، والولاء للوطن، والدّفاع عن كلّ مكوّنات الإنسان.
وقد حفل التّاريخ العربيّ بأسماء لأدباء مقاومين نذكر منهم في العصر الحديث (محمود درويش – سميح القاسم) هذان الشّاعران (وهناك غيرهما) اللذان جسّدا عبر أشعارهما التّمسّك بالأرض واعتبارها العِرض الّذي يجب صونه وحمايته.
يقول محمود درويش: (أنا الأرض .. يا أيُّها الذّاهبون إلى حبّة القمح في مهدها احرثوا جسدي .. أيُّها الذّاهبون إلى صخرة القدس مرّوا على جسدي … أيُّها العابرون على جسدي .. لن تمرّوا .. أنا الأرض في جسدٍ .. لن تمرّوا .. أنا الأرض في صحوها .. لن تمرّوا .. أنا الأرض يا أيّها العابرون على الأرض في صحوها .. لن تمرّوا .. لن تمرّوا .. لن تمرّوا) وهنا نجد التّمسّك بالأرض والهويّة وهذا هو مفهوم المقاومة والمعيار الأساس لها.
ريم ديب