الوحدة: ٨-٩-٢٠٢٣
قدمت الدكتورة خديجة الحسين محاضرة بعنوان (الشعر والشعراء في عالم التواصل الاجتماعي)، تناولت فيها الخطر الذي أحدثته هذه المواقع ليس بالأدب فقط إنما بالقيم الحياتية برمتها، حيث دخلت وسائل التواصل أدق تفاصيل حياة الناس، وتوسدت عرش السيطرة الخالصة للعقل البشري لتوجهه كيفما تشاء واتفق، بدوره الشعر نال أكبر النصيب من تلك المتغيرات بالسلب العام الشامل، والإيجاب الخاص الشحيح، واصفة العالم الافتراضي بالفضاء الأزرق، الذي أتاح للجميع الكتابة بدون ضوابط وقيود أدبية، ولا حتى قيم للمادة الأدبية المكتوبة، مما أثر بالسلب على الذوق العام الجمالي بسبب الاستسهال في النشر، كما أثر كثرة ما يصب من منشورات يومية وفي ذات اللحظة على جودة الإبداع وتراجع الأقلام المعروفة عن الكتابة والنشر، وكما هو معلوم، صناعة ثقيلة مثله مثل أية مهنة وحرفة، سواء أكانت إبداعاً عقلياً أم جسدياً، تحتاج للكثير من الفكر والخلق المبدع، وما يجري في عالم الفيسبوك يجعل من أي عمل أدبي مبدع عرضة للتهويم والتسويف، فالقصيدة الفيسبوكية تصبح كالوجبة الجاهزة عندما تبرد تفقد طعمها وجودتها، وأثرها في النفس، ناهيك عما يحصل من سرقات أدبية لأسماء كتاب مشهورين ومعروفين في بقاع الوطن العربي ، مما ساعد في انتشار الأدب الرديء خاصة مع انتفاء وجود ضوابط للنشر، وانعدام النقد لكل ما هو مكتوب ومنشور، وغياب عمل النقاد أصلاً، الذي هو بمثابة عملية ردع لكل ما هو غث وضعيف، تتابع د. خديجة وتبين بأن الحديث في هذا الموضوع ليس بجديد على الإطلاق، وربما سمح هذا الفضاء للكثيرين ممن لم يجدوا فرصة وطريقة لنشر ما تخطه أقلامهم من إبداع عبر وسائل أخرى، ففي السابق كان هناك احتكار من دور النشر لبعض الأسماء المعروفة، ولأدباء كبار ممن كانوا يعزفون عن قراءة ما تبدعه الأقلام الشابة ما جعلهم يتوجهون لنشر نصوصهم واستسهال الكتابة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فضاعت القصيدة المقروءة بين الغث والسمين وأصبح الشعر مجالاً لكل من لا مجال له في الكتابة، وللأسف الشديد، أصبح جل من يكتب يضع صفة الشاعر قبل اسمه، وكأنه بهذا يجبر من يقرأه الاعتراف به قسراً على أنه شاعر رغم رداءة المقروء من شعره وكتابته، والتي لا تتعدى بعض التهويمات والنصوص التي توجع القلب، وتحزن النفس، ليبقى السؤال من المستفيد الأول من تفريغ عقول الشباب، وتسطيحها إلى حد يجعل المجتمع برمته يتهاوى فكراً وذوقاً ؟!! إلى أين وصل الشعر؟ وما هو الشعر الحقيقي أصلاً؟!!
وإلى أين ستأخذنا هذه الدوامة التي لا ضوابط ولا قواعد لها ؟!!
التساؤلات كافة مشروعة من كل إنسان يعقل ، ويتفكر فيما آلت إليه الثقافة العربية المشهود لها عبر التاريخ من ضعف وتهميش وتسويف.
نعمى كلتوم
تصفح المزيد..