العــــــــــــــدد 9356
الثلاثاء 28 أيــــــار 2019
العِلم عِلمٌ وإنْ كان يخرج مِنْ علم أصغر إلى علمٍ أكبر وليس العلم مِنَ المعرفة إلا بمقدار ما الثمرة مِنَ الشجرة تبدأ منها وتكون بها لتنتهي إليها وليس العلم للإنسان إلاّ السبيل الحقيقي ليكون الإنسان الغاية ويكون الإنسان الفضيلة، حيث بالعلم يصبح أكثر حريّة كما يصبح أكثر قيداً وتقيّداً وما الحريّة إلا أنْ يعرف هذا الإنسان أو ذاك ما حدوده وقيوده التي عليه أنْ يرسمها لنفسه لا أن يرسمها له غيره.
ولأنّ العلم أبواب والأبواب لها مفاتيح وإنّما مفتاح العلم هو أنْ تقول أريد أنْ أعلم … وما إنْ تُكرر هذه العبارة مرات ومرات حتى تغدو ذاك الإنسان الطامح للعلم ولأنْ ينهل منه حتى يرتوي ويسعى إلى الاستزادة التي لا تنتهي ولا تنقضي، بل أكثر مِنْ ذلك نجد أنّ الساعي إلى العلم أو السائر في دروبه لا يمكن له أنْ يتوقف عن السير ولا أنْ يقول أنّ التعب قد نال منه، لا لشيء إلا لأنّه أدرك حقيقة أنْ يكون ما هو ومَنْ هو ولأنّه أدرك إدراك العالم بأنّ الآخر جزء حقيقيّ منه هو.
ولكنْ ثمّة أمرٌ يجعلني أتناول هذا الأمر ببساطة وعلى عجالة ألا وهو مَنْ يعلم ومَنْ لا يعلم والعلاقة بين الاثنين وحقيقة كلّ منهما مِنْ حيث أنْ يعلم أو لا يعلم، ومَنْ هو هذا الذي:
1- لا يعلم ولا يعلم أنّه لا يعلم.
2- لا يعلم ويعلم أنّه لا يعلم.
3- يعلم ولا يعلم أنّه يعلم.
4- يعلم ويعلم أنّه يعلم.
وأمّا الأول فإنّه الأحمق الذي علينا أنْ نُحيّده ونتجنّبه، وأمّا الثاني فهو الطفل الذي نحن عليه وواجب علينا أنْ نعلّمه (أنْ نعلّم أنفسنا)، وأمّا الثالث فهو الغافل عن علمه غير المدرك لنفسه وواجب علينا أنْ ننبهه ونوقظه، وأمّا الأخير فإنّه الحكيم الذي يجب علينا أنْ نتّبعه ونحذو حذوه.
ومِنْ هنا أقول: علينا أنْ نعيد القراءة مرّة أخرى لندرك مَنْ نحن في عالم العلم لنكون قادرين على إدراك حقيقة مَنْ يعلم ومَنْ لا يعلم.
نعيم علي ميّا