نهفات منْ وعنْ سلطان الطرب

العــــــــــــــدد 9356

الثلاثاء 28 أيــــــار 2019

 

عمر الشريف، النجم السوري اللبناني المصري العالمي سمّاه (سلطان الطرب)، ورسخ هذه التسمية الصحفي المعروف جورج إبراهيم الخوري في مجلة الشبكة، التي كان يرأس تحريرها: جورج وسوف، أبو وديع، الطفل المعجزة، بدأ الغناء محترفاً عام 1974، وحين غنى في حمص ضمن سهرة، وحصل حينها على 50 ليرة سورية، اشترى لأمه غسالة ب 25 ليرة، وأجار السوزوكي ب 5 ليرات، ورغم أنها كانت تحتاج الغسالة، حيث كانت تغسل بيديها (ع اللقن/الطشت)، إلا أنها صرخت به مستغربة، من أين أتيت بهذا المبلغ؟ فقال لها: عملت حفلة وأعطوني 50 ليرة. بالشام نام على الرصيف ولفّ حذاءَه، ووضعه كوسادة تحت رأسه..
حين ذهب إلى دمشق وهو ابن 14 سنة، سجلوا له شريط كاسيت، فيه أغانٍ مثل حاصبيا وماما يا ماما.. وانتشر الشريط، في سورية ولبنان والعالم العربي، مثل النار في الهشيم، وهو الذي قبلها كان يرتل وينشد في الكنيسة.
حين ذهب إلى دمشق وقابل نقيب الفنانين وقتها، الفنان صباح فخري، ليبدي رأيه بموهبته، ويعطيه إذناً بالعمل في الغناء، قال له: (روح لعند أمك، وبس تصير شبّ بعطيك إذن..)، بقي في دمشق، عمل 4 أشهر وكان يقبض بالليلة الواحدة 1200 ليرة سورية، في حين كان راتب والده، الذي يعمل رئيس مرآب، في مصفاة حمص للبترول 300 ليرة سورية بالشهر، بعد الـ 4 أشهر، عاد للبيت بسيارة، اشتراها من حفلاته التي قدمها بدمشق، كما اشترى بيتاً لأهله، الذين كانوا يقطنون في حمص بالأجار، ثم غادر إلى بيروت، حيث عائلته وأعمامه هناك، إلا أمه وأبيه وأخواتها ال 4 بقينَ في سورية…
يعترف أنه لم يعش طفولته، لكنه فرحان بحياته ومقتنع بكل ما مر في حياته،
لكن أول مرة يهرب فيها من البيت، كانت مع صديقيه، ذهبوا 3 أيام إلى حلب، وناموا بالسيارة..
غير أن سلطان طرب، هو سلطان في الكرم، ويقدم ما يستطيع من مال أو خدمات خيرية، وعن البخيل يقول: إنّ البخل صفة بشعة، والبخيل لو حرارته 40 لا يعطيك منها درجة حرارة واحدة، في بيته بالكفرون كتبَ على لوح خشبي: (فعلتُ قليلاً من الحسناتِ.. إنها أجملُ أغنياتي)، ويعلق: (الله أعطاكَ اعطِ)..
لا يحب الألقاب، وقد طلب صادقاً أنْ يحذفوا له هذا اللقب، وهو يحترم من يحترم عمله، ومن يركض وراء نجاحه..
مُحب، قلبه كبير، ليس عنده عداوة مع أحد، هو مع مقولة (كنْ جميلاً ترَ الوجود جميلاً) وكل شيء بحياته كان حلواً، ولم يكن في حياته أي شيء مُرّاً أو قاتماً.. يحب لبنان، بلداً ثانياً، لأن بلدَه الأول سورية، مسقط رأسه، ومربع طفولته، والمكان الذي سيدفن فيه، في قريته الكفرون..
يحب البحر وهو هائج وهو (رايق)، ويجمع الخبز في بيته بأكياس، ويرميهم بالبحر للسمك، الذي برأيه يدعو له بالتوفيق وبدوام صحته وصحة أولاده..
كرامته غالية عليه، ولا يمنحها لأحد، متمرد منذ صغره.
في منزله بالكفرون يزرع الكاميرات بكل مكان طبعاً إلا (بالحمام) كما يقول..
زار غالبية مدن العالم، والتقى كبار الشخصيات السياسية والاجتماعية، ولديه صداقات كثيرة وعميقة معهم: يؤكد أنه (حين تكون في الخارج تخجل أن تخالف حتى ولو بتدخين سيجارة في مكان عام)
في منزله بالكفرون كل أنواع التكنولوجيا، وآيباد يتحكم بكل شيء عن طريق الصوت، يحب صنع المقالب البريئة مع أصدقائه، ويحب الأجواء المرحة..
وعن حفلاته يقول: إنّ أمه وأخواته البنات الأربع، اللواتي أصبحنَ معلمات وتقاعدن حالياً، لم يحضرن له أي حفلة أقامها، كما أنه لم يقم أيّ عيد ميلاد له، على الإطلاق..
وعن أبيه، قال: مرة وحيدة جرحته، وجرح الأب صعب، وجرحه صعب أنْ يلتئم، دفعت الطاولة برجلي أمامه، وانسحبت، حينها سافرت إلى دمشق تحت المطر 160 كم، لكنني لم أستطع النوم، أنّبني ضميري، فعدت بهذا الجو العاصف، بنفس الليلة، 160 كم لأعتذر من أبي، وقبلت رجليه، كي يرضى عني..
يختم أبو وديع ابن ال 58 سنة (23 كانون الأول 1961)، ومبدع أكثر من 30 ألبوماً، والذي طاف في عالم المجد والشهرة وجال في ربوع الحياة، بصخبها وجمالها وأطياف ألوانها: بأنه لا شيء يستحق بهذه الدنيا، كله ذاهب، وكلنا ذاهبون، ويتمنى ألا يعزي به أحد.

جورج إبراهيم شويط

تصفح المزيد..
آخر الأخبار