العدد: 9354
الأحد-26-5-2019
عصر التكنولوجيا والتقدم العلمي وتعدد التخصصات قدّم للعالم خلاصات العلم ووضعها في متناول الجميع، فالتقدم العلمي أصبح شاملاً لكل العلوم والفنون بمختلف مجالاته , وغلاف الكتاب الذي هو هدف موضوعنا اليوم لم تغفل عنه عين التكنولوجيا وتطور الفنون والألوان والخطوط.
فغلاف الكتاب أصبح أداة جذب مهمة، وله دور كبير في استقطاب الأنظار إلى الكتاب ولفت الأنظار إليه وشدّ الانتباه إلى الاطلاع عليه.
وكم من كتاب شدّ القارئ إليه بألوانه وتفاصيله المتناسقة وخطوطه وأشكاله التي تستفز القارئ لمعرفة ما بداخله، وله دور كبير في عملية التسويق للكتاب، واليوم في عصرنا هذا أصبح الاهتمام بأغلفة الكتب كبيراً جداً وأصبح له مختصون كثر وفنانون موهوبون مهتمون بتصميم أغلفتها على اختلاف مضامينها الفكرية والثقافية وحتى كتب الأطفال أصبح لها مختصون.
الأديب نعيم ميا قال: إذا ما أردنا أن نخوض في أغلفة الكتب لاسيما الكتب الأدبية الإبداعية والتي تتناول مختلف أجناس الأدب وموضوعاته فلا بدّ من الحديث بشفافية مطلقة وصراحة دون قيود ألا وهي التي تقوم على العرض الموضوعي في الحديث عن أغلفة الكتب وما رُسم عليها من رسومات وتشكيلات فنيّة لا تعني شيئاً بالنسبة للقارئ المتمرّس أو الجيّد إذ إنّه (أي القارئ المتمرّس) يسعى إلى المضمون لا الشكل, أمّا القارئ المبتدئ فكثيراً ما تشكّل له هذه الرسومات أشياء كثيرة ومفهومات محددة إذ يعتقد هذا النوع من القرّاء أنّ المؤلف اختصر كتابه في هذه الرسومات والتشكيلات وهذا غير دقيق البتّة.
وللإنصاف لابدّ من الإشارة إلى أن القرن الواحد والعشرين قد عزّز ثقافة الصورة واللون وأصبحت للصورة وظيفتها ودلالتها بل أهميتها ولا ضير إن اعتمد الكاتب أو المؤلف على هذه الوسيلة الفنية لجذب القارئ لاسيّما أنّ الكاتب يكتب للأجيال الجديدة والطالعة منها ولا بدّ له أن يخاطبها بما تهوى وتعشق، وهنا تجب الإشارة إلى ضرورة الاستفادة من خبرات الفنانين التشكيليين الذين هم أكثر دراية ومعرفة بما يناسب الكتاب من الألوان والرسومات وهنا لابدّ من الشفافية في القول بأنّ بعض المؤلفين (وأنا واحد منهم) يسعى إلى إشراك الفنان التشكيلي في تصدير رؤيته (إذا ما أراد أن يعتمد ثقافة الصورة واللون) إلى القرّاء وهنا يأتي دور التكامل فيطرح كلٌّ منهم رأيه ووجهة نظره وقد تكون رؤية الفنان التشكيلي أوضح وأبين ولا ضير في ذلك إذ إنّه فنّان اللون والمؤلف فنان الكلمة وكم هو جميل أن يجتمع هذا بذاك وأما بخصوص دور النشر فلا أعتقد أنّ لها أي اعتراض على أي غلاف يُقدّم من قبل المؤلّف.
وفي ختام حديثي أعود لأقول: ليس المهم أن نعطي الغلاف كل الاهتمام بمقدار ما أن يكون جلّ اهتمامنا منصرفاً إلى محتوى الكتاب وما فيه من أفكار, إذ نجد أنّ الكتاب يرسخ من حيث القيمة المعنوية وما يمثّل ويحمل من فنّ أدبي يُثري الجانب المعرفي.
وختاماً: شكراً لكم على هذه الإضاءة وهذا ما اعتدناه من صحيفة الوحدة التي نجدها ترافقنا في مختلف جوانب حياتنا وتفاصيلها.
× الأديبة أمل لايقة: قبل أي ظهور لكتاب ما يهجس كاتبه بغلافه، بأي زي سيلبس كلماته وكيف ستكون طلته؟ بأي الألوان وبأي ضربة ريشة فنية، وبأي أسلوب تصويرات شاعرية، بعد نهاية العمل أول ما أفكر فيه من الفنان الذي سيترك بصمته هنا على هذا العنوان، وكيف سيراه ويقرأه ويحس به، يؤرقني هذا الأمر في كل مرة، ووسط الكم من الفنانين الأصدقاء الذين يتقنون فن الأغلفة أختار أحدهم وهناك من يختارني، البعض منهم قال: هديتي لك غلاف لمجموعتك، وحين يكون ذلك لا أناقش كثيراً بماهية اللوحة والألوان، أترك للهدية مفاجأتها التي أحبها، ومنهم من يعرض لي العديد من لوحاته وأختار ما يناسب طبيعة كتاباتي وعنوانها، ومنهم من يأخذ بعض النصوص ويتمعن فيها ويعيشها ويتنفس عبقها وروحها ويباشر في رسم اللوحة ويستشيرني بالألوان وبما يلزم للإضافة وبصراحة لا أذكر أنني ناقشت في ذلك، للفنان رؤيته وانطباعاته التي غالباً ما تتقاطع مع سيمفونية الكلمة والعنوان، ولأن الغلاف له جاذبية بالنسبة للقارئ فإننا نحرص على ذائقته وقبوله دون التنازل عن رؤيتنا.
بالنهاية كل عمل هو عمل جماعي في العموم.. متكامل ومتناسق ومنسجم مع مضمونه وشكله وعمقه.. كل عمل هو ثمرة جهد يشترك فيه الكاتب مع الرسام مع القارئ وإن تخلخل جهد ما فإنه يؤثر على الآخر.
وبالنسبة لأغلفتي فهي لعدة فنانين.. لا أحرص على فنان واحد لأنني أحب التعرف من خلال كل فنان كيف رأى كتاباتي وعنوانها وكيف يكوّن كل واحد منهم انطباعاته الخاصة والمختلفة، وكما القصيدة لوحة.. فإن اللوحة قصيدة.. وهكذا تكتمل الصورة.
ريم ديب