بين الشـط والجبل … تساؤلات مريرة

العـــــدد 9353

23-5-2019

 

كثيرة هي المشاهد التي تلخّص إشكالية الحاضر العربي وتشكّل مدعاة مريرة لتساؤلات أبنائه:
هل حقاً كنا خير أمة أُخرجت للناس . .؟! هل كنّا أمّة عدل وتسامح وقيم . .؟! هل برعنا في العلوم وكنّا سادة العالم معرفة وعلماً وتسامحاً وتمدناً . .؟! هل نحن من أنار ظلمات العالم قبل قرون واليوم العالم كلّه يضحك من جهلنا وتخلفنا وعجزنا ويستنزف ثرواتنا بذريعة حمايتنا من شرور بعضنا . .؟! هل نحن أمّة تجيد غير البكاء والنحيب على ماضيها وتقطيع أوصالها ودمها النازف في شوارعها.
أمّة بكاملها تسير في موكب الدموع ليس على فلسطين المغتصبة التي ساهم الأعراب في اغتصابها وزادوا من عذابات الضحية بل على العراق، وليبيا، واليمن، ومصر، والسودان وسورية المكلومة.
ألم يكن الأمر عسيراً حتى الاستحالة أن تعلن أمريكا عن صفقة القرن لتصفية فلسطين وقضيتها وتدعو لمنتدى اقتصادي في إمارة عربية لولا المشاركة الأعرابية وموافقة أولياء الأمر والقهر في أمّة العرب . .؟! ألم تخرج صفقة القرن إلى العلن بمباركة الأعراب وتمويلهم؟!
موسم الدموع استوطن المآقي والعيون من المحيط المسروق إلى الخليج المنهوب بفضل حكام حاولوا إعادتنا إلى عهد ما قبل القبيلة، وسوّقوا ذلك عبر إعلام ومثقفين نفطيين يعملون غلماناً في بلاط الأمراء.
حتى الإسلام السياسي تراجع في بيئتنا العربية وتقدم الإسلام التكفيري الذي شرعن القتل باسم الدين وعلى وقع صيحات الله أكبر . . . ألم يعلنوها مراراً . . يجب تدمير سورية لأنها موطن الإسلام المعتدل.
وتستحوذ الأسئلة النازفة دماً ودمعاً على العقول: هل حقاً كنا أمّة حية بماضٍ تليد؟! أليست تلك المياه الآسنة التي تجري تحت جسر الأمة وفي أنهارها من ذاك المستنقع الذي أضحى مجارير العالم؟! أليس غربان الغراب ودعاة الاستئصال والقتل من هذه الأمة أمة يستبيح أبناؤها دم بعضهم تحت رايات سود وفكر أسود هل حقاً قادرة أن تنتج علماً وفناً وعدلاً وتسامحاً؟! ألسنا الأمة التي قدمت للعالم مفهوماً جديداً للديمقراطية لم تعرفه النظم السياسية في العالم يقوم على مقولة: لكي تعيش عليك أن تخرس ألم يسمع العالم كيف أمرت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عنه في السعودية باعتقال دمية لم تلتزم باللباس الشرعي ولم تراع قواعد الحشمة؟!
بعد كل إشارات الاستفهام والتعجب التي سقناها في هذه الزاوية نتساءل: هل حقاً كان لنا موقع بين الأمم؟! يقول أحدهم كيف نصدّق التاريخ إذا كان الحاضر يتم تزويره أمام أعيننا؟

 

إبراهيم شعبان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار