الوحدة 29-7-2023
سنتوقف في سطورنا هذه مع كتاب السماح بالرحيل، للباحث ديفيد هاو كينز، والهدف من هذا الكتاب هو إرشادنا إلى تقنية التسليم، ويُقصد بها التخلص من المشاعر السلبية المختلفة، ونحن بكامل وعينا، وبناء على رغبتنا دون أن نتأثر بمحيطنا، وردات فعلنا حياله، فالتسليم أو السماح بالرحيل، هو الاتصال بمشاعرنا الداخلية، وإدراك ذواتنا الحقيقية التي كنا نجهلها، وعلى هذا الأساس نستطيع الانفصال عن أي مشاعر في أي وقت، وفي أي مكان، إذ يرى المؤلف أن تقنية السماح بالرحيل، هي ظاهرة طبيعية، وهي ليست شيئاً جديداً أو غريباً، أو أنها تعاليم خارجية، أو فكرة خاصة بشخص ما، أو معتقد ما، بينما هي من طبيعتنا الداخلية التي نستخدمها لنصبح أكثر حرية وأكثر سعادة، ويرى أن قابليتنا على قبول المعتقدات تعتمد في المقام الأول على كمية السلبيات التي نتمسك بها، فالعقل الإيجابي سيرفض قبول الأفكار السلبية ببساطة، لأنها لا تناسبه، فهو يرفض قبول الأفكار السلبية الشائعة، في حين أننا نعلم كم من السهل عرض فكرة إدانة الذات على الشخص الذي يعاني من الشعور بالذنب، وفكرة الخوف من بعض الأمراض على الشخص الخواف. ويرى المؤلف أننا حين نتفحص داخل أنفسنا سنتنبه إلى المشاعر الكامنة التي تمنعنا من نجاحنا، كالمنافسة وعدم الثقة بالنفس وعدم الأهلية وعدم الأمان، والرغبة بنيل استحسان الآخرين، ويتابع قائلاً: إننا وبمجرد أن نعترف بمشاعرنا سيتضح لنا أنها تعمل ضدنا، حيث تستنفد جهودنا، وتعرقل نجاحنا في العالم، إن ضعف ثقتنا بأنفسنا يمنع التقدير الذي نسعى إليه، وبمجرد ما ندرك ثمن المشاعر السلبية وتأثيرها في سعادتنا ونجاحنا، سنرغب بالسماح في رحيلها، ورحيل المكافآت التي نحصل عليها منها، كأن نكون مستعدين لرحيل الرضى الرخيص والبسيط الذي نحصل عليه من لوم الآخرين بسبب عدم نجاحنا، وسنرحب بالسماح في رحيل التعاطف الذي نحشده من الذين يستمعون إلى شكوانا، وعندما نسمح برحيل شعورنا بعدم الأهلية، سنجد أن شعور حسد الآخرين يختفي، سنصبح مثل العدّاء الرابح الذي يحب ما يقوم به، ويبتهج بنجاحه ونجاح سواه، ولديه طاقة لا محدودة في التفوق في العالم. وفي ثنايا الكتاب يمكننا أن نطلع على العديد من القضايا المهمة ضمن هذا المجال، وذلك كالعلاقة بين المشاعر السلبية والاكتئاب والغضب والخوف، والعلاقة بين المشاعر الإيجابية والسلام الداخلي والحب والعلاقات الشخصية الناجحة، إضافة إلى مواضيع أخرى كالعلاقة ما بين العقل والجسد، والعلاقة ما بين تقنية التسليم وبين حل المشكلات وتحقيق الأهداف المهنية وتوليد الطاقة الإبداعية والشفاء من العديد من الأمراض.
د.رفيف هلال