“الأدب بين الإبداع والتلقي”… محاضرة ثقافية في جمعية العاديات

الوحدة: ٢١-٧-٢٠٢٣
ضمن حضور مواظب على نهل المعرفة و الأدب، ألقت الدكتورة غيثاء قادرة محاضرة بعنوان “الأدب بين الإبداع و التلقي”، و ذلك في مقر جمعية العاديات/فرع اللاذقية/.
في مادتنا الآتية نسلط الضوء على أهم ما جاء في المحاضرة من مضامين أغنت موضوع البحث المطروح…
بداية تحدثت الدكتورة غيثاء عن الإبداع بقولها: لعل أقدم طرح عن الإبداع ترتد جذوره إلى الفيلسوف اليوناني أفلاطون الذي جعل مجال الفن هو الوحي الإلهي، فالشعراء في نظرهِ وسائطُ لنقل رسائلَ سماويةٍ. ولايبتعد العرب في آرائهم عن هذا الطرح، فهم يرون أن الشعر نفث من الشيطان، ويرجِعُ الشعراءُ إبداعَهم الحقيقي إلى شياطينهم التي تلهم الشاعر أشعاره. وبعيداً عن الغيبيات حاول النقاد العرب فيما بعد، أن يجدوا تفسيرات أخرى مقبولة فربطوا الإبداع بأسباب ومسوغات. كما حظي الإبداع بعناية المدارس النفسية الحديثة، والإبداع الأدبي بالمجمل: عملية عقلية واعية، تنتج تجربة إبداعية، قوامها مجموعة من البنى الفنية واللغوية المبتكرة لفظاً ومعنى التي تُحدث تغييراً معرفياً، ورؤيا جمالية، وقبولاً في ذات المتلقي.
ترتبط اللغة الإبداعية بثقافة المبدع، وبمرجعياته الفكرية، وبكل العوامل الذاتية والموضوعية التي تعدُّ ترجماناً لتصوراته وأحاسيسه، وانشغالاته وهمومه الفكرية والنفسية والاجتماعية.
نظر النقاد القدماء إلى أن الصور المجازية و الاستعارية هي جوهر الشعر وماهيته التي يعتمدها الشاعر لرسم صوره الشعرية و رأوا أن الإبداع توظيف للكلمة توظيفاً يوسع من دلالاتها ويغني إيحاءاتها، ويعود هذا التوظيف المتنوع للغة الشعريةإلى ثقافة الشاعر، وإلى مدى اطلاعه وإدراكه لما يحيط به من قضايا ومعارف واختيارات، ويعود أيضاً إلى مدى قدرته على تكييف اللفظة الشعرية مع ما يتطلبه السياق التخاطبي.
وعن موضوع التلقي أو فعالية القراءة أوضحت د.قادرة أن العمل الأدبي يفقد قيمته إذا لم يحقق تواصلاً بين طرفي المعادلة (المبدع والمتلقي)، إذ لا تكتمل العملية الإبداعية إلا بحضور متلق يشترك فيها، ويؤثر بشكل فاعل وحيوي فيها. و قد اقتضت نظرية التلقي إثبات رؤيتها المنهجية الجديدة من خلال المتلقي الذي يمتلك أفقاً جمالياً وفكرياً يختلف من قارئ لآخر.
بينما يربط “رولان بارت” عملية الكتابة بعملية القراءة الخلَّاقة التي تتعامل معه من منطلق المتعة والمشاركة. فيما ذهب “أمبرتو إيكو” إلى تمييز أنماط أربعة من فعل القراءة، من هنا يمكن الاستنتاج: أن للعمل الأدبي قطبين القطب الفني والقطب الجمالي، الأول: هو نص المؤلف، والثاني هو التحقق الذي ينجزه القارئ.
القطب الفني يكمن في النص المتحقق عبر النسيج اللغوي، ومايضمنه المؤلف في نصه، أما القطب الجمالي فهو التحقق الذي ينجزه القارئ عبر عملية القراءة، والعمل الأدبي لاسبيل لتحقيقه إلا من خلال التفاعل المتبادل بين نص المؤلف والقارئ.
المحور الأخير من المحاضرة كان عن آليات التلقي إذ أكدت د . غيثاء قائلة: إنه لايتأتى مهمة القراءة إلا من امتلك فكراً ورويَّة و ورؤيةً ثاقبة معززة بعلم ودراية.من الأهمية القول: إن النص الأدبي المتفوق جمالياً هو القادر على أن يدهش المتلقي في مناطق جاذبيته، وأن يأسره فيسيطر على تحركاته ويحمله على اتخاذ موقف ما من المنجز الأدبي.
رفيده يونس أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار