أولادنا نَحلُ أعمالنا.. 

الوحدة : 5-2-2025

الإنسانُ في كلّ الأزمان أولادُهُ أعماله وأفعاله، وبناتُهُ أخلاقه وخصاله، وعمره الأرضي مجداً لكلمته ومعرفته..

قوله تعالى في سورة يوسف: “إنّ بضاعتكم رُدَّتْ إليكم”.. والحديث القدسي: يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها بمعنى /ترد عليكم/..

وعليه نقول: إنما هي أعمالكم رُدَّت إليكم.. والأعمال والخصال هنا يؤكدها مسبقاً الكتاب المقدس في الآية الكريمة: “لاتكونوا أولاداً في أذهانكم بل كونوا أولاداً في الشر، وأما في الأذهان فكونوا كاملين”.

الأولاد في الكتاب المقدس هم الأطفال الذين لم تنضج عقولهم بعد، فتكون تصرفاهم شيطانية وتفكيرهم قاصر لأن حلولهم للأمور سريع من غير تأنّ أوصبر ولا تفكير..

حب الأنا والتملك والطيش بولدنتهم ليصلوا إلى خطايا وكبائر تودي لفشل وكآبة وبكاء، فهم لا يدركون أعماق الشر الذي يتملك نفوسهم.. فالشر الذي في تصرفاتهم لا يوصلهم إلى الخير، والخير لا يأتي من الشر..

وعليه أوصت الآية في الإنجيل المقدس، بأن نكون أولاداً ناضجين فكراً حتى لا نتبع الشر وأجناد الشر الروحية.

ومقصد الآية لا تكونوا في فعل الشر وأنتم ناضجين، بل كونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام والتزموا التأنّي والصبر وعدم الانجراف للقيل والقال والتقليد السلبي!!.. لأنه في مرحلة النضج هناك حساب لكل فعل

أو تصرف، لذا يجب أن نكون كاملين ناضجين بالإيمان المطلق لكل ما هو خير للدفاع عن الكلمة الحق.. وهذا ما يؤكده الشاعر في حكمته:

عرفتُ الشرَّ لا للشرِّ لكن لتَوَقيهِ..

ومن لم يعرف الخيرَ من الشرِّ يقعُ فيهِ…

فاجعلوا من أعمالكم أولاداً صالحين في أذهانكم تنفعكم في الدنيا وفي الآخرة لما تقدمونه لرب السماء، لأن عمل الخير يشبّه بالولد البار الذي تتمجّد أعماله بالإيمان فتعود بسمعة حسنة لصاحبه، أما فعل السوء أو الشر فهو بالمطلق ولد عاق يسيء بسمعة صاحبه..

فلنسلك طريقنا بذهن ودقة تفكير الكبار لا كجهلاء بل كحكماء!

إن فعل الخير أو الشر لمن تجاوزوا مرحلة العقل بالولدنة هو فعل أو عمل مقصود، لذا اقتضت الضرورة أن نكون أشد انتباهاً وتركيزاً قبل الإقدام على أي تصرف طفولي سخيف كالغيرة وحب التملك والتسرع في الأعمال لمصلحة ما وغوغائية في التعامل مع الآخر وضبابية في التفكير، لأن إنساننا الذي فينا يحدد نوعية أولادنا والتي هي نحل أعمالنا!!

فليكن أولادنا نحل أعمالنا، ولتكن أفعالنا شهد أقوالنا في كل خلية من خلايا الحياة ومجاريها لنفوز فوز الكبار برجاحة العقل، لا فوز بساطة وسذاجة الفكر كالطفل..

لما كنت طفلاً كطفل كنت أتكلم وكطفل كنت أفطن وكطفل كنت أفتكر، ولكن لما صرت رجلاً أبطلت ما للطفل.. /كونثوس الأولى 13: 11/..

فلتتجدَّد أذهانكم بتغيير أشكالكم. من الصغر إلى الكبر لتكونوا أكثر حكمة ومعرفة وفهماً وقوة ومخافة من الله..

فطوبى لبالغي الرشد الذين لا يسلكون طرق الخطايا فهم كالأشجار المغروسة على منابع المياه فجذورها ثابتة وساقها قوية وأوراقها تتراقص مع تمايل أغصانها الغضة.. فالولد بالذهن هو كبير بالشر، والولد بالشر هو كبير بذهنه وتفكيره..

فيااا رب خلصنا من الشر وشبه الشر!! واجعلنا ممن لا يفهمون به ولا يثير فضولنا.. واجعلنا أمامك فقط كقلوب وعيون براءة الأطفال في الشر.. ولكن أولاداً ناضجين عملاً وفكراً في مسيرة حياتنا.. ليكن طريق حياتنا منزَّها عن كل الكبائر الشيطانية.. ونكون مخلصين لك في عمل الخير ونحظى بمغفرتك ورضاك!! فلا يغرّنَّ حياة الدنيا للإنسان الشرور الغرور.. إنه لَقريب إلى المدافنِ أو القبور.. حيث الملكوت والنشور..

 

د. سحر أحمد علي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار