لوحة تراثية.. الحكواتية بمقاهي اللاذقية

الوحدة : 4-3-2025

نسعى دوماً لتوثيق الصور التراثية المضيئة في مدينة اللاذقية.. هذه المدينة العريقة بأصالتها الحضارية والتاريخية.. نجمع الحكايات والقصص عنها لحفظها وصونها بغية ديمومتها ونقلها بكل أمانة وصدق ومحبة للأجيال الجديدة، حيث كانت البساتين والأشجار الوارفة الظلال في كل مكان وأبنيتها تمتاز بطابق واحد ومن النادر أن يكون اثنان، ومعظم أبنيتها في زقاقات ضيقة تتداخل معها القناطر، ويكاد لا يخلو بيت من البئر والبركة، والمدينة تستعين بالفوانيس لإنارة بيوتها وتصنع على شكل مستطيل من التنك ومحاطة بالزجاج، وفي داخلها فتيل مغموس بالكاز للإضاءة.

وفي مادتنا هذه نسلط الضوء على مقاهي مدينة اللاذقية قديماً بالاستعانة بما وثقه الكاتب زهير غريب في كتابه: “اللاذقية أيام زمان” حيث تحدث عن المقاهي التي كانت كثيرة آنذاك، والتي كان يرتادها أبناء مدينة اللاذقية والذين كان معظمهم يرغبون بالتواجد في المقهى الذي يشتغل فيه الحكواتي… هذه المقاهي القديمة التي تذكرنا بالتراث الجميل وأجمل العادات والتقاليد.

وتحدث المؤلف عن هذا الموضوع قائلاً: يحدث الحكواتي في المقهى عن سيرة عنترة وأبي زيد الهلالي وسيرة الظاهر بيبرس وغيرهم، وكان هناك عدد من المقاهي التي يعمل فيها الحكواتي: مقهى زهر الفول والشيخ ضاهر والقواص وسوق الداية، ومن شخصيات الحكواتية المشهورين: حسن غريب والحكواتي أبو محمود، الذي يبعث على البهجة والمتعة حينما يتحدث الحكواتي عن سيرة عنترة وينقسم الجمهور إلى قسمين، هذا يتحمس لفترة والآخر لخصمه.

ويثور الغضب وتكاد تصطدم الأيدي حينما ينحاز الحكواتي لأية جهة ضد الأخرى، ولكن سرعان ما يرطب الجو بدفء العاطفة لمن انتقص من قدره وقوته ويعود الصفاء لكافة الحضور. وكثيراً ما كان الحكواتي يضطر للبقاء في المقهى حتى الصباح بناء على طلب المتحمسين لإكمال سيرة عنترة أو الظاهر بيبرس حتى لا يفوتهم سماع الحدث ومعرفة المصير وتأجيله لليلة القادمة.

وختم المؤلف حديثه حول هذا الموضوع بالقول: في عام 1930 أدخل فنان رسام اسمه خالد كراكيزي على المقاهي فناً رفيعاً اسمه الكراكوز وعيواظ، كان يرسم الأشخاص على الكرتون ويزخرفها ومن ثم بأشكال إنسانية تركب حصاناً أو تحمل سيفاً وكانت هذه الشخصية بارعة يتكلم بعدة لهجات ويقلد الحيوانات، ولا يقل أهمية فنية زميله أحمد الطرابلسي الذي كان يقدم القصص في نفس المقاهي وبالتناوب مع زملائه الحكواتية.

 

ندى كمال سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار