الوحدة : 9-7-2023
يحفل تراثنا العربي بمجموعة من قصص الحب التي ذاع صيتها وصارت مثلاً في كل زمان ومكان، ولعل من أغربها قصة “توبة وليلى الأخيلية”، إذ ورد في كتب الأخبار أنها هي ليلى بنت عبد الله الأخيلية من بني عقيل، شاعرة مسلمة عاصرت صدر الإسلام والخلافة الأموية، وقد تميزت بالشجاعة والفصاحة وقوة البيان والشخصية، وهو توبة بن حمير، شاعر فصيح وشجاع أيضاً، مرَّ بقبيلة ليلى ذات مرة فتعلق قلبه بها وهي كذلك، وعلى خلاف قصص الحب الأخرى في ذلك الزمان فإن البطولة في هذه القصة كانت للمرأة، إذ اشتُهر شعرها وغزلها بحبيبها بصورة تفوق غزله بها مع أنه كان شاعراً مثلها، وكعادة العرب قديماً رفض والد ليلى تزويجها بحبيبها ولم يكتف برفضه، بل زوّجها رغماً عنها من رجل يدعى أبو الأزلع، لكن زواجها لم يمنع توبة من حبه لها وزيارتها، فترصد له القوم ذات مرة أمام بيت ليلى، وحين وصلها خرجت إليه سافرة، وقد اعتاد أن يراها ساترة نفسها بالبرقع، فعلم أنها إشارة منها له، ففرّ من المكان وعلم أن ليلى أنقذت حياته بذكائها، لقد مات توبة في إحدى المعارك، وكان قد قال في أحد أشعاره قبل موته:
ولو أن ليلى الأخيليةَ سلَّمت
عليَّ ودوني تربةٌ وصفائحُ
لسلَّمتُ تسليمَ البشاشةِ أو زقا
إليها صدىً من جانبِ القبرِ صائحُ
وفي أحد الأيام مرّت ليلى مع زوجها من جانب قبر توبة، فأصرت رغماً عنه أن تنزل من العربة وتزور قبر حبيبها، وحين وقفت إلى جانب قبره قالت: “إنني أسلم عليه ولا يرد السلام كما وعد، وهمّت بالعودة إلى عربتها، فإذا ببومة كانت بجانب القبر تطير فجأة لتفزع ليلى منها وتقع على الأرض، ويضرب رأسها بقبر توبة فتموت من فورها، وتُدفَن إلى جانبه، وقيل: إن تصرف البومة كان رد سلام توبة لمحبوبته، وتعبيراً عن وفائه بوعده لها.
د.رفيف هلال