اخترع وطناً في الحلم، وغاب في (الزمن الثاني)، عاصي الرحباني: ليس ابني من يرثني فقط، وإنما مَن يتبنى فني

الوحدة: ٢١٦-٢٠٢٣
عاصي الرحباني ( 1923 – 1986), الذي (ابتكر الأخوين الرحباني) وترك بصمة لاتنسى على الأغنية اللبنانية والشرقية والعربية عموماً..
رحل عام 1986 إلى (الزمان الثاني) ليتحد بالكبيرين: (الحلم والحقيقة)،
وهو الذي ظل يلعب بالحلم حتى شدَّه اليه، وغاب..
رحل عاصي ومعه فضولٌ مجدولٌ على أسئلةٍ لاتنتهي، تبدأ بالكون، ولاتنتهي في ما ورائياته..
غادر دون أن يلقى رجعَ صدىً عن سؤاله الكبير:(شو بيبقى من الرواية)،
وهو الذي قال بعد شفائه الأول عام 1972 :
(كان عمري 49 سنة عندما متُّ)
وكتب ذات تأمُّل:
(أعرف أني باقٍ ككوكبٍ بعيدٍ، يلمع في الصبح كدخانٍ، يعلو.. ثم يصعد ويصعد حيث ملكوت الشعر والنغم والتراتيل ملكوت الرب..)
* أثر الطبيعة:
نشأ عاصي وترعرع، مع شقيقه، في منطقة انطلياس التي كانت محاطة بغابات الصفصاف، والدلب، وبساتين الحمضيات، والمياه العذبة الرقراقة..
ودَاخل غابةٍ من هذه الغابات أقام (حنا عاصي الرحباني) مقهىً صغيراً، ذَاع صيتُه، وصار مقصدَ العائلة حتى سنة 1943
ومن انطلياس، ومن طبيعة منطقة (شويا/ بالمتن)، حيث كانوا يصطافون، اختزن الأخوان الكثيرَ من الأشياء في مخيلتهما، فكانا يقرآان الطبيعة، ويتطلعان إلى الأحراج بفرح، وإلى الصخر، وروائح الزهر..وهذا المناخ الجبلي زوّدهما بالكثير من العنفوان، ظهر في أعمالهما ذات الصبغة التاريخية الملحمية..
كان عاصي في مقتبل العمر حين تعرف، مع منصور، على (الأب بولس الأشقر)، الموسيقي الشهير، الذي عمل على تأليف الألحان الدينية، إلى جانب تجربته في حقليّ الموسيقا الشرقية والغربية..
وكان لقاؤهما معاً أولَ نافذةٍ أدخلتهما إلى العالم الذي كانا يحلمان به، وهو عالم الموسيقا..
تعلم الأخوان على يد الأب الأشقر أصولَ الموسيقا مدة 6 سنوات، ثم أكملا دراسة التأليف في الموسيقى الغربية، لمدة 9 سنوات، على يد الأستاذ برنار بيير..
هذه الدراسة المعمّقة للموسيقا التي صقلت موهبتهما، كانت(بطاقة المرور التي غيَّرت الموسيقا والأغنية في الشرق ) كما قال الموسيقار محمد عبد الوهاب، حيث تجاوزت الأغنية الرحبانية التقليدَ الذي قضى على الملل، والتكرار، والنواح في الأغنية العربية ومطولاتها..
وتقول (ريما عاصي الرحباني) عن والدها:
(..عاصي هو من اخترع/ الأخوين الرحباني/، وهو مَن جعلنا نحلم بوطن أحلى..
عاصي عبقري، لن يتكرّر، ولو بعد ألف سنة..
وأسفي على من استكثروا على عاصي تسمية شارع باسمه في بيروت، أو حجز يوم بالسنة لإحياء ذكراه..
لقد تعلمت من عاصي: النبل، الكرم، الصدق، النقد الذاتي، وأنه بالفن لايوجد شيء نهائي، واحتقار المصاري/ المال، ومحبة الناس الطيبين، والضيع الخجولة..)
وللأخوين الرحباني مسرحيات:
(أيام الحصاد – موسم العز – البعلبكية – جسر القمر – دواليب الهوا – فخر الدين – جبال الصوان – ناطورة المفاتيح – قصيدة حب – عودة العسكر – بياع الخواتم – هالة والملك – الليل والقنديل – الشخص – يعيش يعيش – صح النوم – ناس من ورق – المحطة – لولو – ميس الريم – بيترا – الربيع السابع- المؤامرة مستمرة..)
وفي السينما (بياع الخواتم)، (سفر برلك )، (بنت الحارس).
جورج إبراهيم شويط

تصفح المزيد..
آخر الأخبار