على طــــــــريق إعــــادة الإعمـــــار «9» العمل السياسي يستظل بـ «خيمة الوطن» ويسعى لتصحيــــح ما خرّبته الحــــــــــرب «1من 2»

العدد: 9349

الأحد-19-5-2019

 

 

تنوع في الرؤى، واجتماع في الأهداف، وتأكيد على التزامن بين بناء الحجر وعقول البشر، لطالما دفعت سورية ضمن موقعها الجيوسياسي الهام، وقد شكل الموقف الوطني والقومي الذي اتخذته تجاه قضاياها الوطنية والقومية والمتمسك بالحقوق والثوابت سبباً آخر لاستهداف المعتدين وكيد الطامعين، ولعل هذه الأسباب مجتمعة كانت وراء الحرب الكونية التي تشن عليها، والتي اجتمعت لشنها على وطننا قوى الإرهاب والشر معاً، مستخدمة في ذلك كل أنواع أسلحة الدمار والحصار والتي استطاعت سورية وكما دائماً تحدي عواصفها، وخرجت منها، وكما تظهر بشائر الانتصارات المتلاحقة التي يحققها أبطال جيشنا العربي السوري في الميدان بالوضوح معلنة انتصار المارد السوري على من أراد تدميره وقتله.

سورية ورغم ما خطط لها وما فعله القريب قبل القريب فيها، بقيت صامدة ولن يستطيع جميع هؤلاء من تغييرها في نفس السوري من روح وطنية تسري في عروقه، وذلك بفضل الصمود والتصدي المتأصل في خلايا الجسد السوري، والذي تتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل، فالسوري وكما يقول السيد الرئيس بشار الأسد، ورغم كل الجراح سيبقى مع بلده ولن يخيفه رصاص المعتدين ولن يرهبه حقدهم لأنه صاحب حق والله دائماً مع الحق، وسورية القوية التي صمدت وواجهت الحرب بشجاعة سوف تكون أكثر قوة ومتانة بفضل الإرادة الشعبية التي مكنتها من حماية الوطن ومنعه من السقوط في المحرقة التي حضرت له، هذه الإرادة التي جسدتها مختلف أطياف وشرائح المجتمع في مواجهة الحرب التي أجاد السيد الرئيس بشار الأسد توصيفها عندما قال بأن الحرب كانت بيننا نحن السوريين وبين الإرهاب حصراً، وبأننا ننتصر في هذه الحرب مع بعضنا ولا ننتصر على بعضنا، وأن أي انتصار يكون حصراً على الإرهاب بغض النظر عن جنسيته، فسورية وكما قال سيادته فوق الجميع، وهي ستبقى وستعود أقوى مما كانت عليه، فلا تنازل عن الحقوق، ومن راهن على إضعاف سورية من الداخل لتنسى جولانها وأراضيها المحتلة وهو واهم.
وإذا كان ما تقدم يوصف أسباب العدوان على سورية، وأسرار الصمود الأسطوري لشعبنا في مواجهته والانتصار عليه، فإن معركة لا تقل أهمية تنتظر السوريين ألا وهي معركة إعادة إعمار ما دمرته الحرب، وإزالة عقابيل ما تركته على البشر والحجر معاً، وهنا تختلف الرؤى، وتتعدد الآراء لتجتمع جميعها عند حدود مصالح الوطن، والدفاع عنه، والتمسك بكل ذرة من ترابه، وهي الحدود التي تجتمع عندها مختلف أحزابنا السياسية وقوانا الوطنية في خططها وبرامجها وتصوراتها للمرحلة المقبلة التي يؤكد الجميع على ضرورة أن تعتمد على جميع السوريين، وأن تبدأ من داخل البيت السوري، وأن تستند على إطار وطني شامل يتضمن رؤية تنموية اقتصادية شاملة، تتضمن خططاً وبرامج واضحة، وبرنامجاً زمنياً محدداً من حيث الأهداف وآليات التنفيذ، وينطلق من الواقع الراهن ليحدد أولويات إعادة الإعمار، هل تبدأ من الحجر الذي طاله الدمار الذي استهدف منشآتنا الاقتصادية وبنانا التحتية الخدمية وممتلكات المواطنين، أم تنطلق من البشر، ومعالجة ما أفرزته الأزمة من خلال مخاطبة وعي وعقل المواطن السوري، والارتقاء به إلى مستوى ما يحاك ضد وطنه، ومواجهة الحرب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تشن ضد بلده تحت مظلة الانتماء المطلق للوطن، ونبذ الأفكار الهدامة التي حاول الأعداء من خلالها تفكيك بنية المجتمع السوري، وهو ما فشلوا به تحت ظل وعي السوري وحبه لوطنه.
وأما الخيار الثالث فهو أن تسير مسيرة إعادة الإعمار بالتوازي ما بين البشر والحجر وهو ما سعت به الدولة من خلال تنفيذ بعض الأعمال الأولية لإعادة إعمار المناطق التي تم تحريرها من براثن الإرهاب وذلك بغية تأمين الخدمات الضرورية للمواطنين وتخليصه من الآثار التي تركتها الأزمة عليه.
وبين تلك الخيارات حول أولويات الإصلاح وفقاً لأجندات الأحزاب السياسية التي التقيناها من خلال ملفنا هذا الذي تناولنا فيه التعريف بهذه الأحزاب، وموقفها من الأزمة وخططها لإعادة الإعمار، ومدى قناعة الناس بما تطرحه من أفكار وشعارات وقدرتها على إعادة العمل السياسي إلى نضجه، نجد أن ما يجمع تلك الرؤى أكثر مما يفرقها، وأن جميعها تؤكد على ضرورة علمانية الدولة، والمشاركة الرائدة والفعالة لقطاعنا العام في عملية إعادة الإعمار باعتباره القطاع الذي مكّن الدولة من تجاوز آثار الحصار الذي فرضته الولايات المتحدة وأعوانها على سورية، وبناء الإنجازات التي تمتد على خارطة الوطن لتقدم مختلف الخدمات للمواطن إلى جانب تأكيدها على أن تكون تلك العملية معتمدة على مساعدة الدول التي وقفت إلى جانب سورية في حربها على الإرهاب (روسيا- إيران- الصين) واستبعاد الدول التي شاركت في حصار ودمار سورية كالولايات المتحدة وتركيا وعربان الخليج وكل ذلك ضمن خطة وطنية شاملة تكفل عدم المساس بالسيادة الوطنية.
كما وشددت تلك الآراء على ضرورة إنجاز عملية الإصلاح الإداري، ووضع البنية التشريعية والقانونية التي تتلاءم مع طبيعة المرحلة، وتكون قادرة على إنجاز الخطط والبرامج الموضوعة وفقاً لبرامجها الزمنية، مع التأكيد على إشراك كافة القطاعات الوطنية العامة والخاصة في عملية الإعمار المنشودة، والتي يجب أن تطال كافة القطاعات الوطنية والاقتصادية والثقافية والصحية، وذلك بالنظر لكون آثار الحرب قد طالت بنى هذه القطاعات على امتداد أغلب محافظات القطر العربي السوري وذلك ضمن سعيها لتدمير سورية الوطن والمواطن.
وبين هذه الرؤى والأهداف التي تنم عن الحس الوطني العالي لمختلف قوانا السياسية ووعيها لطبيعة المرحلة وإجماعها على تجاوز آثار الأزمة على الوطن والمواطن وإصرارها على أن يكون تحقيق هذه الأهداف مجتمعة هي ميدان التنافس بينها وذلك ضمن مناخات العمل السياسي الوطني التي وفرتها التجربة السياسية الفريدة في سورية، والتي أتاحت ومن خلال الجبهة الوطنية التقدمية مشاركة جميع القوى الوطنية والتقدمية في العمل السياسي منذ فجر الحركة التصحيحية المجيدة التي قادها الرئيس المؤسس حافظ الأسد، تماماً كما سمحت التعددية الاقتصادية بمساهمة جميع القطاعات الاقتصادية الوطنية (العامة- الخاصة- المشتركة) في بناء النهضة الاقتصادية في مختلف المجالات، تلك التعددية الاقتصادية والسياسية التي تعززت من خلال قيادة السيد الرئيس بشار الأسد الذي وكما مسيرة التنمية والبناء قبل الأزمة وقاد عملية التصدي للحرب الكونية التي تشن على سورية بقوة واقتدار سيكون قادراً بكل تأكيد على قيادة مسيرة إعادة الإعمار التي أكد سيادته وفي أكثر من مناسبة بأنها لن تكون إلا على أيدي السوريين وحدهم وبالاعتماد على مساعدة الأصدقاء دون غيرهم.

نعمان أصلان

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار