الوحدة 1-6-2023
مع قدوم الصيف وطُقوسه الحارّة، وازدياد الحاجة لمياه الشرب وكذلك الري، أخذت النداءات وتيارات المطالبات تصدح من كل حدْبٍ وصوب، وجميعها تصبّ في نفس الإناء، وهو إناء المياه والحاجة الماسّة لها في صيف قد يكون مجهول النوايا، فقد وضع الشتاء حجاباً كبيراً على تلك النداءات، رافق ذلك الزلزال العظيم الذي عتّم على كل شيء فغابت الاستغاثات وتوقّفت الحلول عند غضب الطبيعة وعكارة المياه، وبات الحديث عن مياه السن المصدر العملاق لمياه الشرب ومياهه الهاربة إلى البحر يشبه الأفلام الهندية فاقدة النهايات الجميلة، وكل ذلك يقودنا إلى الشرق قليلاً، إلى سد الدريكيش ومياهه العذبة الخارجة بطبيعة الحال من جوف الأرض، عبر ينابيع عديدة دائمة الجريان تدعم منسوبه المستقر حتّى نهاية الصيف، لكن عشرات القرى المجاورة للسد تفتقر لتلك المياه الخارجة من مفيضه والتي تلتقطها بشغف بعض البساتين المجاورة، معاناة هذه التجمعات عمرها عقود، تستقر في بوتقة الحلول الغائبة، والإمكانيات الضعيفة، والتكاليف الباهظة، وضعف الحيلة، والطبيعة الصعبة، لتكون هروباً مبرّراً ومشروعاً لمن يتداولون زمام مكاتب الحلول في مدينة البحر، والوضع نفسه يتكرّر في قلب المدينة (الدريكيش) من خلال تدفّق عدّة ينابيع معدنية (سياحية) ضمن جداول تأخذ طريقها إلى وديان يمكن القيام بتجميعها هناك فتكون عوناً لبساتين ومزروعات حقلية، فالحاجة إليها (الآن) أصبحت ماسّة، إذ هل يُعقل أن تغيب المياه عن هذه القرى لأيام عديدة، في ظلّ الطلب المتزايد خلال الصيف، وكما يتم التعامل مع مياه نبع الدلبة يمكن القيام بجرّ مياه السد أيضاً بجهود متضامنة، علماً أن هذا الأمر أكبر من مقدرة واستطاعة مصلحة مياه الدريكيش، لكن هم على دراية بوجع القرى للمياه، وهم من يقومون بتقسيم وجدولة الأدوار وتوزيعها على التجمعات والقرى، وهم المعنيون الحقيقيون بضرورة رفع مطالبات ومذكرات حول واقع مياه الشرب في ظل ارتفاع نسب الوافدين إلى مدينة الدريكيش وريفها خلال الصيف تحديداً. معادلة حسابية فاقدة للحلّ، قرى تتغذّى من خزان النبي زاهر التجميعي: تخلة والجبل وبيت بدعة وبيت خميّس وعين عرفتة والبياضة، (٥ قطع ويوم وصل) غالبية منازلها تشرب خلال نهاية يوم المنح بعدّة ساعات فقط، هذا في مدينة المياه؟!
سليمان حسين