الوحدة 1-6-2023
لم يكن زلزال السادس من شباط الفائت حدثاً عابراً نعيش وقعه لأيام ونمضي، محافظة بمدنها وريفها شهدت كارثة لم تُسجّل منذ عقود طويلة، تركت آثارها السوداء على البشر والحجر بمئات الضحايا بين شهيد وجريح ناهيك عن الدمار الكبير بالمنازل والبنى التحتية. كارثة كهذه وضعت المحافظة تحت مجهر الاهتمام الرسمي لرفع آثار الواقعة، واستنفار على أعلى المستويات منذ اللحظات الأولى لسكون الأرض وتجلّي الحقيقة المؤلمة. لا نبخس الجهود والعمليات الحثيثة والعمل الجاد لكل يد ساهمت بالإنقاذ والنجدة والدعم من كل فئات البلد بجميع الإمكانيات بدءاً بالتطوع الذاتي وتقديم ما يمكن من أبسط الاحتياجات المطلوبة لأكبرها، ناهيك عن الدعم الخارجي من الدول الشقيقة والصديقة بمساعدات لم تتوقف يوماً منذ اللحظة الأولى حتى الآن.
* منطقة منكوبة:
لم يمض أيام على الزلزال حتى صُنّفت المحافظة وأُعلنت منطقة منكوبة وجب معها المعاملة الخاصة لهكذا وضع، ولكن وبعد دخولنا بالشهر الرابع من عمر الزلزال ماذا قُدّم لمنطقة منكوبة تحتاج المعاملة الخاصة؟ وبحكم عملنا ببلاط السلطة الرابعة وكوننا صوت من لا صوت له، وصِلة الوصل بين المواطن والجهات الرسمية المعنية، لم تتوقف المناشدات والأصوات المرتفعة التي تطالب بشكل مُلِح بالنظر بظروفهم ومعاناتهم من بعض التقصير الذي طال عدداً ليس بالقليل من أبناء هذه المحافظة المنكوبة.
* مساعدات لم تصل:
مطالبات حقّة نشرناها على منبر جريدتنا على لسان مواطنين متضررين لمساعدات لم تصل لعوائل كثيرة بالمدن الرئيسية والقرى بالرغم من الكم الهائل الذي وصل لإعانتهم، فبعد أربعة أشهر من الزلزال لم توزع ولو لمرة واحدة والأمل كان بتوزيعها بشكل دوري كسند يدعم فقر حالهم، بعد توقف أعمال أغلبهم في ظل خسارتهم لأرواح وممتلكات، وعن أحاديث موثقة لتفاوت التوزيع بين منطقة وأخرى.
* الكشف عن الأضرار لم يصل للجميع:
بعيداً عن المساعدات والإعانات المفقودة، وصلتنا مراراً مطالبات وشكاوى طالت لجان الكشف على الأضرار وعدم وصولها لبعض المناطق واستثناء بعض المواطنين ممن تضررت ممتلكاتهم، ولكن لأسباب عدم تواجدهم أثناء الكشف فقدوا أحقيتهم بالكشف و (راحت عليهم) حسب ما ذكروا، منوهين بشكاويهم لضرورة إعادة الكشف ليعوّض لهم، علماً أن العديد من العائلات التي فقدت منازلها بشكل كلي أو جزئي خارج مراكز الإيواء مازالت بضيافة الأهل والأصدقاء وأمل التعويض بالبديل بالبال.
* الاستعلام الضريبي.. “مو وقتو”:
موضوع آخر في غير أوانه واجه تجار المحافظة (المنكوبة) بلجان الاستعلام الضريبي الذي زار الأسواق وفرض طوقاً من التهرب والإغلاق العام لأغلب المحال التجارية حتى بأكثر الأحياء الشعبية وأكثرها فقراً، في ظل الحاجة لفتح تلك المحال إن كان لخدمة المستهلكين أو لاسترزاق التجار لإعالة أسرهم، والحال تفاوت بين من كان يستحق تعديل الضريبة ومن كان يعمل ليقيت أسرته يوماً بيوم، ولسان حال أغلب من التقيناهم ونقلوا شكواهم: مو وقتا بدنا نطعمي ولادنا، والأجدى ملاحقة التجار الكبار وليس باعة الألف والألفين، ونحن لا نبيع بالملايين لتفرض علينا تلك الضريبة وإغلاق محالنا أربح من فتحها.
* لا ماء ولا كهرباء:
ومن تبعات الزلزال ومن حق المنطقة المنكوبة المعاملة الرحيمة ودعمها بالدواء حتى تتعافى، ولكن ما شهدته المحافظة كان الزيادة بالتقنين الكهربائي والأعطال المتكررة بها، والأنكى واقع مياه الشرب وانقطاعها المستمر ليلجأ الناس هنا لشرائها بأسعار مرتفعة تزيد نكبتهم نكبة، ومازالت الأصوات تصلنا بشكاوى يومية لمناطق عطشى تضاف على عجز الحصول على كرتونة معونة لم تصل بعد، ولتبقى الشماعة والحجة الحاضرة: لا ماء بلا كهرباء ولا كهرباء بلا فيول وغاز، وليسود العطش والتعتيم القسري على منطقة منكوبة.
* كلمة أخيرة:
لم تتوقف الاجتماعات والمؤتمرات والخطط الإسعافية لرفع آثار الزلزال، ولكن عملية الإسعاف طالت ودخلنا مرحلة الإنعاش بعد أربعة شهور من الكارثة، وكم تفاءلنا بما قُرر له أن يُفعل، ولكن ما حصل كان فكر ثعلب ذكي وفعل سلحفاة فعن أي منكوبة تتحدثون؟
ميساء رزق