الوحدة : 26-5-2023
أنا في حضرة صديق عتيق..
كما قرّبتنا الكلمة، ذاتَ انطلاقةٍ وطموح، و معها خشبة المسرح والخيال، وكما جمعَنا أساتذةٌ على حبّ الإبداع الراقي، وبصموا في ذاكرتنا، أحدُهم، الهرمُ الفني والإنساني، الفنان/ المعلم رشيد شخيص، كذلك فرّقتنا (السنوات)، التي لامست ال42 من الغيابات والحضور ..
عمرٌ تسرّب على حين غفلة، نحو أودية المجهول..
واللقاء الحي، قطعاً، لاتُماثلُه اللقاءاتُ الأثيرية عَبر (الشبكة)..
بهيبةٍ، بوقار، بعبقرية مدهشة، بروحانية تقرّب السماوي الى الأرضي..
وباختراقاتٍ واثقة في العلم، والثقافة، والفن استطاع (هذا الغائب/ الحاضر) أن يجذب الضوء إليه..
كُتبُه تُترجم للغات الأرض الحيّة..
الشاشات والفضائيات تبحث عن إطلالة، لهذا المُتحدّث المفوّه، على أثيرها..
حدّثني عن إبحاره في العلم، الذي له بعدُه الفلسفي والروحي المطلق، ورونقُهُ الأدبي، وحصوله على دكتوراه في اللاهوت من ألمانيا و كندا.. وعن مؤسسته التربوية (وعي)، التي أسسها في لندن، وتهتمّ بالنشء في بريطانيا وسورية وفي مدن عربية وغربية، وترأسها فخرياً الأميرة صوفي، زوجة الأمير إدوارد..
وعن مؤلفاته المسرحية وإخراجه لبعضها، وعن (ثقافة الله)، و(المسيح السوري)، وعن لوحاته، وانتقالاته بين مدن العالم، زارعاً قمحَ الكلمة وماسحاً زيتَ المحبة السامية في النفوس العطشى، من خلال لقاءات وعِظات تربط الأرضي بالسماوي، بوثاقٍ من شغف العطاء..
وعن لقائه مع الملكة الراحلة اليزابيث، والأمير فيليب، وحبهما لسورية، وزيارة الملكة الجدة (فيكتوريا) لمدينة دمشق، وتسمية جسر فيكتوريا العريق باسمها..
وعن الصديق المشترك، الذي لم التقِ به، لكني أبحرتُ في كتبه الدكتور الطبيب، الأديب ماهر منزلجي، ابن الروائية ناديا شومان، والمقيم في لندن منذ عقود..
لم أبح له بانكساراتي..
وربما بخطأ تردّدي، بأنني لم أفكر بالسفر إلى الخارج، رغم مايعرفه عني من عشق للفن والأدب والإعلام، عشق مارسته داخل البلد..
وكل مابقي منه مجرد حبر، وأخيلة، على صفحاتِ صحفٍ ومجلات مكدّسة في مجلدات، لكنها، للأسف، لاتُطعم خبزاً..
شغف لم يقدم لأولادي إرثاً او ميراثاً، أو عيشاً كريماً..
الأب القسيس الدكتور، العالي الثقافة والتواضع، والوفاء، العابر للطوائف والأديان، صديق الأمس، الأكثر من جميل، نديم نصار :
ساعتان أمضيتهما معك، في حضرتك، كما لو أنني أسبحُ على ظهر غيمة زرقاء تعبُرُ فوق ثانويتنا، ثانوية جول جمال، أو في حضرة حلم ارتسم على مرايا ذاكرة عمرها عقود، وتبخرت..
جورج إبراهيم شويط