أعيادٌ لم تطرق باب الفقراء!!!

الوحدة: ٢٣-٤-٢٠٢٣
عباد في هذه البلاد جالوا بأسواق العيد يحملون في حقائب نفوسهم الخاوية أماني بهجة العيد وأصابع الأمل تشير إلى ثياب جديدة للأولاد وزينة الفتيات الصغيرات من أساور وخواتم وجزادين صغيرة لعيدية تمحي أوجاع أيام سابقات، فهل لنا عيد والغلاء يكوي القلوب و يطيح بالفرح فتغرب الوجوه عنها؟
قبل العيد يشبه أيام العيد فلم يستطع أحد أن يشتري شيئاً في هذا العيد.
فلكل سوق ناسه، فمحلات العبارات وغيرها في حي الأمريكان مثلاً فتيات و شبان خرجوا من المحلات بمثل ما دخلوا، وجوه عارمة بالفرح ولا مغبة سؤال في طالعهم، أما في الأسواق الشعبية (المقبي والقوتلي و هنانو ..) فالناس بالأكوام، عائلات بجميع أفرادها قد أتت مع الأم من فتيان وفتيات ليبقوا خارجاً على الرصيف وتنادي الأم باسم كل منهم ليدخل إلى جانبها في المحل وترمي بالثوب الجديد على جسده لترى إن كان يناسبه فليس من غرفة قياس ونادراً ما تسأله رأيه فيه لتخوض جولتها في جدال مع البائع حول الأسعار ليخرج الأولاد بفرحة عارمة يحملون ألوان العيد والأم بوجه واجم ولسان لاجم ويدها في حقيبتها تفتش عن باقي نقود.
أما البائع فيجلس على كرسيه ليرتاح من اللهاث وتسارع النبض والأنفاس.
أبو سامر – صاحب محل في هنانو أشار إلى أن معظم الذين يدخلون المحل فقط للسؤال وقليل منهم من تعجبه الأسعار ويشتري، مع العلم أن هذه الأسعار هي الغالبة في السوق وليست مرتفعة لكنها بالنسبة للموظفين ورواتبهم المحدودة هي أسعار فوق المعقول فيظنون أنهم مغبونون من البائعين لكن الواقع غير ذلك فنحن نوصي على البضاعة وكل يوم يمر تتبدل فيه الأسعار والربح عندنا بسيط حتى لا يصيبها الكساد فنقعد بلاعمل لهذا نحاول البيع ولو كان في بعض الأحيان بسعر التكلفة ولا يخيب عندنا الرجاء خاصة في الأعياد فهي مواسم البيع هذه الأيام وتابع: كان الله في العون.
الطفلة يانا شدت يد والدتها إلى عربة محملة بأغاني عيدها من أساور ذهبية وخواتم وغيرها الكثير مما يطرف العين ويخفق لها قلبها الصغير وتصرخ أريد الأساور الذهبية وسرعان ما تسأل البائع الذي هلل بها ورد لها بأحسن حال ( الخمس بستة آلاف)، فتسرع الوالدة بقولها: لننتظر قليلاً حتى نشتري الثياب ونرى ما يناسبها وتنظر للبائع لتقول له كما كل الأمهات: سنعود … وتجر صغيرتها بخيبة أملها لكن عند بائع الحقائب وقفت بعناد تلك الصغيرة أمام حقيبة حمراء ولم تستطع والدتها جرها أو زحزحتها من المحل حيث بدأت بالصراخ والبكاء تطلب شراءها والبائع يقول: لأجل هذه الصغيرة سأبيعها ب15ألف ليرة فقط، والأم بخجل تحاول الهروب لكن أين المفر وفتاتها باتت على الأرض والمارة يتفرجون، فترد على البائع بارتجاف: ولكني رأيتها منذ قليل وعلى البسطة في الطريق ب10 آلاف ليرة فقط فيجيبها باستعلاء : ولماذا لم تأخذيها ؟ لكل بضاعة سعرها. وكل محاولات الأم مع فتاتها بحقيبة غيرها باءت بالفشل.
أم جعفر – موظفة تقول : ليس باليد حيلة ليس من عيد بغير ثياب جديدة وليس أقلها من نصف الراتب للقطعة الواحدة فستان صغير أو قميص وبنطال، ولهذا أحاول أن أستر الحال وأتحايل على المعاش والأولاد فالصغير أحاول أن أرضيه بثياب أخيه الأكبر مع شراء حذاء جديد لأشتري للكبير بنطالاً أو قميص، أما صغيرتي فهي ناضجة وتفهمني فلم تأت معي للسوق، حيث في الشهر الماضي، اشتريت لها بنطال جينز وتتابع بقولها : أبو الأولاد غير موظف ومريض و راتبي عاجز عن طلبات الأولاد ونقول : الحمد لله، هذه المنحة ترقيع لثوب العيد، ” وبحصة بتسند جرة “، وكل عام وأنتم بخير .
هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار