الثقافة.. صاحبة الدور الأول في ترميم وتعزيز القناعات

العـــــدد 9340

الثلاثـــــاء 30 نيســــان 2019

 

مدير دار الأسد باللاذقية ياسر صبوح، توجهنا إليه بعدد من الأسئلة وكان الآتي:
* ما دوركم من موقعك كمدير لدار الأسد باللاذقية وكمثقف سوريّ فيما حصل في السنوات الماضية وهذه الحرب الشرسة حيث كانت الثقافة حرباً أساسية فيها؟
** دور الثقافة هو الدور الأقوى والأهم بكون الثقافة هي البناء الأشد رسوخاً وشموخاً، وتعزيز ثقافة المحبة وبنفس الوقت ثقافة المقاومة، المقاومة للفكر التضليلي الذي حاولوا إدخاله بدون استئذان إلى عقولنا وإلى عقول البعض، وكل الغاية من هذا تدمير كل ما هو يتعلق بالأصالة والتراث الذي ورثناه عن أجدادنا، والذي علّم كل العالم دروساً عظيمة في الأدب والأخلاق والمحبة والسلام، من هذا المنطلق، من واجبنا أن نهتم بكل حقول الثقافة المتعددة والمتنوعة من علوم ومعارف ولغات وآداب والاهتمام بهذا الكل المركب من المعارف والفنون والآداب… إلخ، وتجسيده في الميدان.
* ما دور المراكز الثقافية من منظورك في تفعيل الجانب الثقافي للمجتمع، وفي إعادة الإعمار الثقافي؟
** دور المراكز الثقافية هو دور محوري وبنّاء، خاصة أنه لدينا مبدأ وهو ما ورثناه واكتسبناه من الحركة التصحيحية المجيدة بأن الثقافة للجميع وفي خدمة الجميع، فكل ما تقدمه المراكز الثقافية هو بشكل مجاني ومتاح للجميع، ولكافة الشرائح العمرية والاجتماعية، والمراكز الثقافية هي مراكز تنويرية، توعوية، تلعب دوراً هاماً جداً لأنها تسهم في بناء الفكر الإنساني وتعزيزه بما يتناسب مع متطلعات الرؤية الثقافية الصحيحة والسليمة والمعافاة من كل الشوائب، ومن هنا نكون قد حصّنا أنفسنا من خلال خلق هذه الثقافة الوطنية المتينة التي تستطيع دحر هذه الثقافات الخبيثة المضادة، والمراكز الثقافية تسعى بشكل دؤوب إلى الاستقطاب الجماهيري لرفع السوية الثقافية دائماً بما يتناسب ويواكب تراثنا والجديد في الثقافة العالمية.
* كيف يمكن استقطاب المثقفين الحقيقيين وزجّهم في إعادة الإعمار الثقافي؟
** يمكن استقطاب المثقفين الحقيقيين من خلال التواصل عن قرب، ومن خلال تشجيعهم وتحفيزهم والاستفادة من إمكانياتهم ومواهبهم الفكرية المتنوعة، وخلق شراكة ثقافية حقيقية معهم، يغيب عنها الحاجز الإداري التقليدي والتراتبية الوظيفية لأنه يخلق حالة معنوية لدى المثقف بأن له دوره وله أهميته في الفعل الثقافي، وأن هذا العمل الثقافي ليس محتكراً على من هم في المواقع الثقافية الإدارية.
* برأيك ما هو دور الثقافة في ترميم ما تصدع من قيم وقناعات؟
** الثقافة هي صاحبة الدور الأول دائماً في ترميم وتعزيز القناعات وتشكيل رأي عام يسوق نحو سلامة المجتمعات والارتقاء بها إلى مصاف العقل الإنساني الطبيعي، بما يتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا وأصالتنا وحضارتنا العظيمة، وخلق حالة توءمة مع مؤسسات اجتماعية لها دورها الفاعل في هذا المضمار كالإعلام والتربية لخلق تكامل ثقافي إنساني عقلي يرقى لإنسانيتنا.
* كيف يمكن إبعاد المتسلقين عن الجسد الثقافي لبناء فاعل حقيقي لمجتمعنا؟
** نعمل على خلق الجو الثقافي الذي يتيح ممارسة هذه الثقافة بشكل عملي يلامس جراحنا ومتطلباتنا الثقافية بحيث تنتقل من الحالة النظرية إلى الحالة السلوكية التي يسودها الوعي والمواطنة الصحيحة.
* إذا أردنا أن نضع عنواناً للمرحلة القادمة، ما هي العناوين التي تحاولون العمل عليها؟
** نعمل على تعزيز كل ما يتصل ببناء العقل وقيمه النبيلة, هذه القيم الموجودة على أرضنا قديماً وستظل, العقل السوري عقل ناضج سيظل يواكب العالم في ثقافته من منطلق حضارته التي سطرت أول أبجدية للتاريخ, دامت سورية عزيزة كريمة.
حالة انحسار
كما التقينا المرشد الثقافي بدار الأسد في اللاذقية سمير مهنا، وكان الحوار الآتي:
* من خلال مهماتك كمرشد ثقافي في دار الأسد باللاذقية كيف ترى الواقع الثقافي الآن، وما آلت إليه طروحاتنا الثقافية؟
** كمرشد ثقافي أقوم من خلال الممارسة العملية للعمل الثقافي المنوع بين ألوان الأدب والمعرفة المختلفة، وأرى أن الثقافة تعاني من حالة الانحسار في الإقبال، خصوصاً في ظل الحرب الكونية التي نعيشها منذ أكثر من ثماني سنوات، حيث ألقت الأزمة بظلالها الثقيلة ما أدى إلى حالة من الاضطراب في ميدان العمل الثقافي والضعف فيما يتعلق بالكم النوعي الثقافي، إن تفعيل العمل الثقافي يجب أن يكون ثمرة تضافر الجهد الرسمي مع الجهود الأهلية والفردية لأنها حاجة وعمل جماعي.
* برأيك ما دور المراكز الثقافية في تدعيم القيم المجتمعية الأصيلة؟
** إن المراكز الثقافية هي الملتقى الحقيقي الهام للنشاط الثقافي المجتمعي الذي تلتقي فيه الجهود الثقافية على ألوانها المختلفة، وخصوصاً فيما يتعلق بالأنشطة التراثية والاجتماعية من ندوات ومحاضرات ومعارف تتناول العادات والتقاليد والموروث الشعبي الذي يعبر عن هوية المجتمع وسماته محلياً ووطنياً.
* ما دور الثقافة في ترميم الهوّة الثقافية التي تعرضنا لها في هذه الحرب المؤلمة؟
** إن ترميم الهوية الثقافية في ظل هذه الحرب الكونية يكون أولا بمحاربة الفكر الظلامي المتطرف الذي كان سبباً رئيساً لما نعيشه اليوم من أزمة ويكون الخلاص منه عبر نشر الفكر التنويري المتحضر البعيد عن التطرف والمغالاة، ونشر ثقافة التسامح والتعايش والتعاون مع المؤسسات التربوية في هذا المجال، هكذا ننتصر على الإرهاب، فالانتصار الميداني لا بد بل من الضروري أن يرافقه انتصار على صعيد الفكر.
* من خلال متابعاتك للنشاطات في دار الأسد، كيف يمكن استقطاب المثقفين الحقيقيين وإعطاؤهم دورهم الهام في إعادة الإعمار الثقافي؟
** إن استقطاب المثقف الحقيقي والاستفادة من الإبداع الفكري في ميدان الفكر والثقافة يكون عبر الدعم والرعاية الرسمية خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها بخصوصية الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب أيضاً، للحد من هجرة رجالات الفكر في المجتمع.
* المهرجانات كمهرجان المحبة، ودور السينما والمسرح، ما دورها الحقيقي في المرحلة القادمة، وكيف يمكنها مقاربة العقل السوري الحضاري؟
** إن المهرجانات الفنية الثقافية المنوعة هي بوابة التواصل بين أفراد المجتمع من مختلف البيئات وحركة مهمة لتطور العمل الثقافي على صعيد الوطن، ناهيك عن دورها في إلغاء الحواجز بين أفراد المجتمع بما تتضمنه من أنشطة فنية ومسرحية وعروض سينمائية تساهم في التعريف بالمواهب وتحفيزها.

سلمى حلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار