على طــــــــريق إعــــادة الإعمـــــار «3».. الثـّـــــــقافة هـدّمت نفســها.. فمــــــــــاذا بمقــــــــدورها أن تبــني؟

العـــــدد 9340

الثلاثـــــاء 30 نيســــان 2019

 

قبل أن يشنّ علينا المثقفون هجومهم فيما يخصّ هذا العنوان، ثمة ما يجب توضيحه ولو على عجل:

* لو امتلكنا ثقافة المواطنة الصحيحة لاختلفنا فيما اختلفنا فيه تحت علم بلدنا ولما رفعت كل زمرة علماً خاصاً بها، وهذه ثقافة أين كنّا منها..
* لو امتلكنا ثقافة العيش لما تسابق كثيرون لتقطيع أسباب العيش من مشافٍ ومدارس ومؤسسات ومعامل ومشاريع حيوية.. إذاً الثقافة في قفص الاتهام!
* لو امتلكنا ما يكفي من وعي لما سمحنا لـ (غريب) أن يحضر بيننا وأن يكون في مواقع كثيرة هو الحكم وهو المشرّع و.. وهذه تهمة جديدة..
* الخوف أن يحمل الرد ما معناه أن المراكز الثقافية استقطبت فعاليات وندوات وأمسيات شعرية، وأصدر المثقفون بيانات وتنديدات، لأنهم إن فعلوا ذلك فستكون هنا التهمة الأكبر، وهي كذلك، لأنهم اعتقدوا أن دور الثقافة يمكن أن يحدث التنوير المنشود وينجز المطلوب منه عبر هذه الندوات والملتقيات، بل الأقسى أنهم يعتقدون أن الثقافة شعر وخواطر وصفّ كلام!
الثقافة بأبسط أشكالها (ناموس) يؤطر حياة المجتمعات، ويوجهها نحو مصلحتها من خلال الالتقاء في محرابها عند عناوين وطنية، تحمي البلد وتخفف من حدة الأضرار التي يتعرّض لها في مثل هذه الحروب.. استمرت الاحتجاجات في فرنسا طويلاً فهل حملت الأخبار أن المحتجين أحرقوا مشفى أو هدّموا مدرسة؟ إنها ثقافة لم يمتلكها (صانعو الربيع السوري)!
لا نتغنّى بـ (عدو) كما قد يصطاد البعض، ولكننا نضع أيدينا على وجعنا بشفافية، وحتى لا يأتي من يقول إنّهم قلّة، فإننا نسأل: ماذا فعلنا حتى نتجنّب تأثير هذه القلّة، هذه القلّة التي نهبت الآثار، واغتالت العلماء، وهدّمت المعالم، أو على الأقلّ ماذا سنفعل لتجنّب مثل هذا الأمر لاحقاً؟
عندما تسأل عزيزي (المثقف) كم ستقبض مقابل محاضرتك، وعندما تنسخها من مرجع هنا ودراسة هناك، وعندما تقبل أن تكون جزءاً من تنفيذ برنامج بغض النظر عن قيمة وأهمية هذا البرنامج فالأفضل لك أن تبيع (ذرة مسلوقة) على الكورنيش..
وعندما يكون ميزان الحكم على دور الثقافة ووسائلها المختلفة هو عدد الفعاليات أو عدد المنتسبين وما شابه ذلك فالأولى أن تُطرح هذه المراكز الثقافية للاستثمار (مطاعم ومقاهٍ) فالفائدة ستكون أكبر..
الثقافة يجب أن تكون (حقل ألغام) من حيث قيمتها الدفاعية عن الذات الوطنية، تنفجر بكلّ عابث بها، وتكون (حقل ألغام) على ما فيه من أذى عندما يكون السائرون بها على جهل، وهنا خطرها كبير جداً..
حتى في ملفّنا اليوم، فإن البحث عمّا هو في الصميم أعيانا، والمشكلة أننا ما زلنا نعتقد أن الثقافة تنميق كلام واختيار أجمله.. ما نطلبه من المثقفين هو أن يستعيدوا دورهم، وأن يكونوا أهلاً له، وأن يكونوا رسل أمتهم ومطالع مستقبلها..
الثقافة هدّمت نفسها عندما تحوّلت إلى (وظيفة) بالمعنى النمطي للوظيفة، فماذا بإمكانها أن تبني؟
نسأل، ونفتّش، ونحفّز، ونأمل أن تستعيد الثقافة (الحاجة العليا للبشرية كما قال القائد المؤسس طيّب الله ثراه) دورها المهم.

غـانـم مـحـمـد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار