بين الشـط والجبل … ملء قلبي

العـــــدد 9338

الأربعـــــــاء 24 نيسان 2019

ملءَ قلبي بيدرٌ ينام على رهج الحصاد، ملء قلبي حروفٌ وعودٍ تفترش الصباحاتِ حبالاً من ضياء، ملءَ قلبي قصيدة تنام على مشارف نعماكِ، فمدّي حبال الهوى، ودعي كلَّ الخوابي تنضج بشذاها . .
أريدُ لوجهي أن يغيّرَ لونَ ذبوله، وأن تغطيِّ رجفةَ الدرب سكنيةٌ مغرِّدةُ الأحداق فأجملُ الدروب- كما يقولون- تلك التي لا تُرى إلا بعين القلب . . .
***
دعي هذا القمرَ يُشعل شموعه، واستْلقْي على كتف وردة فوَّاحة . ٍ. واتركي ذاكَ الولهِ يعصف في أحشائي . . إنيِّ سأخرج إليكِ مثلما تخرج رائحةُ الحبق من نوَّارها وسأحمل هذا الحنينَ حتى أقاصي الهديل.
مللتُ يا حلوتي من الاتكاء على شوكةٍ في دمي. أريد أن أستلقيَ على ضفافٍ من أقمار
تبادلك أفراحها . .
***
عاريةً من خضرتها تغفو حقولُ النرجس، والشمسُ تَرْتمي وجْهاً نحاسيّاً، والريحُ ترتدي خطيئَتها . . والسنونو يغادرنا أسراباً أسراباً . . .
***
شاحبٌ كالغروب وجه هذا الصباح. ومدينتي دروبٌ مخفَّرةٌ، وأرصفةٌ مرقعةٌ ووجه الشوارع إلى اصفرار، لقد عفّرته الرياحُ والأمطار فراح يصدر الأنين، ينادي وليس ثمة مجيب، لكأن آذان من يعنيهُم النداء قد أصابها الْوقُر وعيونهم غشَّاها ضبابٌ قاتم.
***
أمسِ . . . عبرتُ اللاذقية- الكانت ذات دهرٍ جميلةً ونظيفةً وودودةً- أحست بمداخلها وهي تئنّ من ثقل الخطا، وشوارعها تستصرخ، وأرصفتها مهتوكةُ البنيان . .
ورأيتني أسأل: أين غاب ذاك الوجه الجميل الكان مرسوماً على مداخلها، ومخارجها وعلى وجوه عابريها؟
حتى البحر، لم يعد ذاك الكان ذات عمر . . . لقد أبعدوه عن مسافة أيدينا وتركوا لأعيننا فقط أن تتابع زرقته من بعيد.
***
ملء قلبي اللاذقية، وإلى أن تعود كما كانت أهمس في آذن مسؤوليها، أن أعيدوها كما كانت جميلةً . . . نظيفةً وودودةً.

سيف الدين راعي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار