بين الشـط والجبل .. الطمع والطموح

العدد: 9276
الأربعاء 23-1-2019
الكاتب: عيسى موسى موسى

 

منذ قديم الزمن الناس تقول الطمع بالدين وليس سواه لأنه تقوى ومحبة بينما الطمع بالمال كفر وإلحاد وعبادة وإيمان بأنه رب الأرض ييسر الأمور المستعصية والحال والأحوال والوسيلة لتحقيق الأهداف والرغبات, وبنظر معتنقيه معبود كرب السماء, والمنقذ للمعدة والأمعاء وحياة الإنسان وحلال المشاكل بين الناس رغم نصائح الآباء والأجداد للأبناء بأن لا يحلو في نظرهم أموال وأرزاق الناس وكنوز الأرض ولا الشك لحظة بعدم عدالة الله عند توزيع الأرزاق على عباده من الأشرار والأبرار على حد سواء ولا تسأل لماذا حصة هذا أكبر من حصة ذاك لأن الله منحها حسب النوايا (بقوله حسب نواياكم ترزقون) والقناعة التامة بالعدالة السماوية بعيداً عن الحسد والأنانية، فالله دعا عباده للعمل وتأمين قوتهم بعرق جبينهم قائلاً: اسعَ يا عبدي وأنا أساعدك وبيدك القلم والدفتر والفأس والمعول وأشكر الله دائماً على نعمته الزائدة لأنه (بالشكر تدوم النعم) أما الطموح هو الحلم الأول الذي يولد من رحم التفاؤل والأمل والهدف الأسمى والنور الذي يبدد ظلمة الجهل والتخلف يراود الإنسان منذ طفولته ويكبر معه شيئاً فشيئاً حتى يصل إلى مصافي الحياة, وأحياناً يتعدى حدود المستحيل ويتجاوز الحواجز والعثرات والمسالك الوعرة ليصل إلى قمة النجاح ويحقق الهدف المنشود والغاية المرجوة, وصورته الجميلة المتألقة لا تفارق مقلتيه ولا تغيب لحظة عن حياته ومرمى نظراته كالشمس التي لا تعرف المغيب عن فضائها الواسع، وهو يصعد سلم النجاح درجة درجة ويختار هدفه الذي يناسب ميوله ورغبته بأن يكون طبيباً يعالج أمراض الناس دون مغالاة في تنفيذ قدسية رسالته الإنسانية ولا ينحرف يميناً أو شمالاً ليملأ صناديق خزائنه بالمال بأقصر وأسرع وقت ممكن, أو مدرساً يسعى جاهداً وبملء رغبته لتعليم الأجيال والثقافة والمعرفة ومبادئ الإبداع وحبّ الوطن ووضع اللبنة الأولى في صرح بناء المستقبل المشرق المسيج والمعّطر بالأزهار والورود والمضاء بضياء نجوم الرّغبات للاستيقاظ من فرشة الكسل والخمول والانطلاق إلى ميادين العمل في الأرض والحقل والبستان, أو ضابطاً يحمي الحمى يتعلم ويعلم حماة الوطن فن الحرب وأصول القتال والصمود والتّصدي والوفاء والولاء والاخلاص, أو موظفاً يخدم وطنه ومواطنيه بنزاهة وشرف أو يطمح لتحقيق حلمه الأكبر بأن يكون سفيراً لبلاده في إحدى بلدان العالم يدافع عن حقوقه في المحافل الدولية وعندما يتعرض لأي خطر يهدد كيانه ويرعى شؤون مواطنيه في المهجر, أو شاعراً يعزف على أوتار القوافي أبيات قصيدته العصماء, أو أديباً يغذي العقول الجامدة بمخزون أفكاره الخصبة وخياله الواسع كمنارة مضاءة بالقلم والمعرفة يدعم المكتبات الوطنية بالمراجع الهامة وبنظرياته وأطروحاته المستفيضة ويلغي عملة الجهل والتخلف ومحو الأمية ليعيش في سباق مع الزمن مواطناً فاعلاً متفاعلاً عالي الجاه والعطاء وبشخصية لها ثقلها وحضورها المميز تثبت هوية الذات والانتماء والمكانة المرموقة على كافة المستويات في خلية المجتمع ينعم بالسلام والحرية والاطمئنان وراحة البال.

تصفح المزيد..
آخر الأخبار