الشاعر الدكتور فراس عبد الحليم :الشّعر يعطي من سحره وعذوبته من يعطيه من روحه وقلبه

الوحدة 14-11-2022

مثلما تتفتّح الأزهار تتفتّح الأحاسيس، لتعيش مع الجمال في حالة عشقٍ خلّاق، وكذلك فإن قراءة الأدب وتذوّقه ينمّيان الذّائقة الجماليّة ويصقلان موهبة الشاعر، ومن هنا كان لقراءة القرآن الكريم في طفولة الشاعر الدكتور فراس عبد الحليم من خلال الكُتَّاب الأثر الأكبر في امتلاكه ناصية التّعبير واكتسابه مفردات ثرّة أغنت مخزونه اللّغويّ وشكلّت ّأرضيةً جيدة لموهبته الشّعريّة، يُضاف إلى ذلك تأثّره في مرحلة مبكّرة بكتابات الأديب الكبير جبران خليل جبران وببوحه الصّافي وعباراته الشّجيّة وبرؤاه الحالمة ونزعته الإبداعية. في مدينة جبلة التقينا الشاعر الدكتور فراس عبد الحليم دكتوراه في النّحو العربيّ، موجّه اختصاصيّ في تربية اللاذقية، من مواليد مدينة جبلة عام 1978م. وأجرينا معه الحوار الآتي :

– ماذا عن قصيدتك الأولى؟

هناك نصّ أعتبره حجر الأساس في التّعبير عن ميولي الشّعريّة، كنت قد كتبته في سنّ الرّابعة عشرة؛ أي عندما كنت في الصّفّ الثّامن، وإلى اليوم أحسّ بأنّه من أصدق ما قلت، وأحبّ أن ألقيه كما كتبته أوّل مرّة دون أي تعديلات يمكن أن أضيفها اليوم بحكم الخبرة، وفي جزء منه أقول: أعشتِ اللَّيالْ؟ /ونظرتِ إلى الهلالْ ؟ /أرأيتِ الشَّفقَ الغاربَ../إلى محرابِه الكبيرْ/ وسمعتِ الزَّهر يشدو /بأنغام اللّطفِ… /ويسكب السَّلسبيلْ…/ في قلوب تشتكي ظلمَ البشرْ…/وتنشدُ الذاتَ الضَّائعةْ…بين تلالٍ وجبالْ/ في فضاءِ الفكرِ…/وفي مهاوي النَّفس العاتمةْ… /فتتقلّب مع النَّسيمْ…/ وترفرف بجناحي أثيرْ/ فتقترب من الشَّمس وتداني البحورْ/ وتبغضُ الموتَ بلباس المستحيل. أمّا أوّل قصيدة لي في مرحلة الشّباب فقد أتت بعد قصة حب لم يكتب لمشهدها أن يكتمل، وهي قصيدة “لا تعتقي” وأقول فيها: / يا من إلى سرِّ سحرك.. أنتمي/ إلى مرآتي التي تسطعُ… على مبسم،/ هبيني رعشةً.. تنعش أعماق قلبيَ المهيَّمِ/ لا تعتقي.. عِتقُكِ.. يدفن الحياة… في غيهبِ/.

– حدّثنا عن إصداراتك الشّعريّة، وهل لك مشاركات في مجالات أدبيّة غير الشّعر؟

لديّ ديوان شعريّ مطبوع معنون بـ : ( همسات إعصار في جسد امرأة )، وهو من إصدار دار الهيثم ـ دمشق /2009/، القياس: من القطع الصغير. عدد الصفحات: مئة صفحة، يتضمّن ثلاثاً وعشرين قصيدة كلّها من الشّعر الحديث إلّا قصيدة واحدة عنوانها الوهج الّذي لا ينطفي فهي من بحر الرّمل. كما أنّه لديّ مجموعة قصصيّة عنوانها ( بين الحياة والغياب) تتضمّن أربع قصص قصيرة، هي على التّرتيب: ( أمام وجه القمر – واهاً من شمس الغروب – بين الحياة والغياب – رحلتي إلى الوراء ) .

– اخترت لديوانك عنواناً “همسات إعصار في جسد امرأة”.. كيف يهمس الإعصار في جسد المرأة شعراً ؟

“الضد يظهر حسنه الضدُّ”.. عندما تأتي الهمسات مما لا يتوقع وهو الإعصار يكون وقعه أجمل في النفس، ومن ثمّ عندما ذكرت الجسد لم أقصد الجسد المادي الملموس، وإنما قصدت مبدأ التجسيم ذلك أنّ الصورة المحسوسة لها جاذبيتها، حتى المجرد الذهني عندما يعبر عنه بصورة حسية يغدو أكثر ألفة في النفس.

 – وماذا عن رواج الشّعر الحرّ وقصيدة النّثر؟

أنا مع الشّعر في أيّ ثوب يرتديه عموديّاً كان أم شعر تفعيلة، المهم أن يكون شعراً حقيقيّاً بمعانيه وألفاظه وما يحمله من مشاعر صادقة ورؤيا وكشف للجمال، ولكن هذا في الوقت نفسه لا يعني غياب موسيقا الشّعر، وإلّا صار باباً للاستسهال والخوض فيه من قبل من لا يملكون في الأصل موهبة الشّعر ويريدون أن يتسلّقوا صروحه، وفي رأيي الشّعر الحرّ أو قصيدة النّثر تمثيل لحالة بدائيّة في الميدان الشّعريّ، وذروة الهرم إنّما تتجلّى من خلال شعر التّفعيلة، فبناء شعر التّفعيلة من الجانب الموسيقيّ قد يكون أصعب من بناء الشّعر العموديّ، لأنّك في هذا الأخير تتعامل مع أوزان مسبقة، أمّا في شعر التّفعيلة، فأنت تشقّ جداول جديدة في عالم الموسيقا، كما أنّ أثر الموسيقا الدّاخليّة يكون جليّاً بشكلٍ أوضح في شعر التّفعيلة فما أكثر ما استبدلت بتفعيلة أصيلة تفعيلة من جوازاتها المسموح بها لا لشيء إلّا لأنّ الأذن استساغت الثّانية ونفرت من الأولى مع أنّ علم العروض لا يمنع أيّاً منهما.

 – ما أهمّ الموضوعات الّتي تكتب فيها حاليّاً؟

في الفترة الأخيرة اجتذبتني قصائد الأطفال إليها، ولاسيّما أنّ لديّ أطفالاً في عمر الزّهور، حفظهم الله، وحفظ أولادكم، فكتبت عن الأم والأب والجدّة والعمّة والإخوة، وكتبت عن المهن المختلفة المعلّم والطبيب والمهندس والنّجار والميكانيكي والحلّاق والخيّاط وعامل النّظافة وغيرهم وكتبت عن رحلة الكواكب وعن لآلئ القرآن.

 – ما الأثر الّذي تركته وفاة والدتك منذ فترة ليست ببعيدة في تجربتك الشّعريّة؟

مهما كتبنا القصائد في الأمّ لانفيها حقّها، والّذي يؤلمني أكثر أنّني لم أكتب فيها شعراً إلّا بعد وفاتها، لكنّ ما كتبته فيها كان أصدق شيء كتبته في حياتي، بل إنّني اليوم إلى جانب ما كتبته فيها من شعر أحضّر لرواية، والدتي من أهمّ محاورها، وممّا كتبته فيها: أمّاه … يا لوعتي أمّاه/ يارحلتي / في نفسيَ الآسـية / آتٍ إلى أحضانِكِ الدافئة / آتٍ إليها، فافتحي بوّابَةَ الآخرة / أمّاهُ يا لوعتي/ يا أنّةً في الذّاكرةْ/ يا نغمةً تبقى على شفتي /حتّى تحينَ الآخرةْ.

ازدهار علي

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار