الوحدة :26-9-2022
تغيرت القرى والحارات والمدارس، وكلّ ما في المدارس كانت مدرسة قريتنا القديمة مجرد بيت طيني حجري، له سقف من الخشب وأغصان من الغار ونباتات البلان الشائك.. ولّما كانت المدارس تفتح أبوابها في فصل الشتاء، فقد كان سقف المدرسة الطيني يدلف أو يكف على مدار الأيام الماطرة.. كان الوكف أو المطر الداكن هذا يسيل على الجدران الطينية، ويحدث أخاديد فيها ثم يجري تحت أقدامنا. وينتهي عبر عتبة البيت السفلي إلى الخارج.. لم يكن لشباك البيت زجاج بل قضبان حديدية صدئة متقاطعة تصل ما بين جدران. كان كل شيء بارداً مبللاً ،السقف والأرضية والجدران ،المقاعد والأجسام والأقلام والكتب والدفاتر واللوح والطباشير البيضاء. ولطالما أتلف المطر الدفاتر والكتب.. حيث لا حقائب تحويها ولا تحميها، كان لزاماً على كل طالب أن يجلب معه من بيته إلى المدرسة عوداً من الحطب على الأقل لكي يشعل الأستاذ النار في المدفأة المعدنية لاحقاً. فتنكسر حدة البرد الشديد في المدرسة ويتوزع الدفء على الجميع معلّماً ومتعلمين. كانت تلك الغرفة الكبيرة هي المدرسة كلها، بما فيها الصفوف الدراسية الستة، وكان المعلم الوحيد يقوم بدور المعلم والموجه والمستخدم معاً، كذلك كانت مدرستنا القديمة حقاً.
حيدر نعيسة