الوحدة 24-9-2022
ونحن نمارس الطقسَ الإعلامي الجديد من خلال الوهج الفضائي الرقمي الذي يلعب لعبته معنا، كمايسترو لإيقاع يومنا، وقد أضحى سيدَ الحضور في هذا الملعب الأكثر إشغالاً والأسطع إدهاشاً.
أعتقد أنّ هناك أدبيات في التعامل مع هذا الواقع الإعلامي الجديد الذي صار متنفساً للجميع، ونعيش تفاصيله بشكل شبه يومي.
النت ومواقع التواصل الاجتماعي، بمختلف مُسمّياتِها، صارت نوافذَ إلزامية لإطلالاتنا جميعاً.
ودعونا نعترف بأنّ الكل صار يتجه، بل يُهرول، نحو أضوائها المشعّة، للظهور من خلال هذه النوافذ وفضاءاتها الرحبة: (السياسي، والاقتصادي، والفنان، والأديب، وأهل الطرب، والطبيب، والعالِم، والبروفيسور الجامعي، والطلبة وجيل الشباب، والرجال، والمتقاعدون، والإعلام بما يتفرّع عنه مِن مرئي ومسموع ومقروء والكتروني…
هو مساحة مُتاحة لكل من يريد أن يطرح أفكارَه ووجهات نظره وآراءَه، كتابةً أو نقلاً، بطريقة النسخ واللصق.
وهذه الأخيرة سأتوقف عندها: (النسخ واللصق )، والتي من المفترض أن ترتبط بأخلاقية التعامل الحضاري، من خلال (النقل بأمانة)، أي إيراد اسم صاحب المحتوى، لا أن يتمّ إغفال الاسم وحذفه، ثم تدوين اسم الناقل عليها وكأنه هو صاحبُها الحصري، وهنا تضيع الطاسة، ويقع الظلم على جهد وتعب مَن أبدعها.
أمثال هؤلاء ، ودعونا نطرح الأسماء بمسمياتها، إنما هم لصوص الكلمات والمحتويات، وقراصنة النسخ واللصق، الذين يقومون بسرقتها وجمع ما تيسر من (لايكات) بلا خجل أو وازع، وبغياب تام لأمانة النقل، فلا اسم الكاتب يُلحظ، ولا اسم وسيلته الإعلامية، ورويداً رويداً، يتقمص اللص دورَ المجتهد المبدع، الذي تجشم عناءَ البحث عن المعلومة، ليحقق فيما بعد استفادة مادية من سرعة انتشاره، ويتربع على عرش الناقل الحصري للمعلومة.
هي جُزئية من تعاملات، مع مُكمّلاتٍ اعتبارية أخرى، صارت مفروضةً علينا في هذا الزمن الفضائي، وعلينا أن نرتقي بأدائنا لها، وبكل احترام ونُبل وأخلاق عالية.
رنا رئيف عمران