بين الشـط والجبل.. ماركيـــز.. كم أنت جميـــلٌ!

العـــــدد 9330

الثلاثـــــاء 9 نيســـــان 2019

 

رغم ردود الفعل المختلفة حول مصداقية نسبِ هذه الرسالة الالكترونية – ومنذ سنوات عدة- للكاتب العالمي الأشهر غابرييل غارسيا ماركيز في إطار نبأ اعتزاله الكتابة والحياة.. إلا أنها تستحق فعلاً القراءة والتأمل:
(لو كنت أعرف أنها الدقائق الأخيرة التي أراكِ فيها، لقلتُ (أحبكِ) ولتجاهلتُ بخجلٍ أنك تعرفين ذلك، وهناك دوماً يوم الغد، والحياة تمنحنا الفرصة لفعل الأفضل، لكن لو أنني مخطئ وهذا هو يومي الأخير، أحب أن أقول كم أحبك، وأنني لن أنساكِ أبداً، لأن الغد ليس مضموناً لا للشاب ولا للمسن، ربما تكون في هذا اليوم المرة الأخيرة التي ترى فيها أولئك الذين تحبهم، فلا تنتظر أكثر، تصرف اليوم لأن الغد قد لا يأتي ولا بد أن تندم على اليوم الذي لم تجد فيه الوقت من أجل ابتسامة أو عناق أو قبلة، أو أنك كنت مشغولاً كي ترسل لهم أمنية أخرى).
كم تعنينا هذه الكلمات، وتشبه وجعنا اليومي، حيث نتناسى في غفلة مشاغلنا وهمومنا أن نكون بقرب أشخاصٍ أحببناهم وخانتنا المواقف في التعبير عن صدق مشاعرنا لهم..
كم تمنينا أن نعانق وجوه أمهاتنا في الصباح كما كنا نفعل ذات طفولة دافئة وبعيدة.. نتمسكُ بأطراف أثوابهن المعطرة برائحة البخور والورد.. وكأننا كنا مدركين أننا سنواجه عالماً بارداً وقارساً في تقلباته وطقوسه الغريبة فيما بعد!!
كم مرة تمنينا لو استطعنا أن نقبض على يد الأحبة الراحلين عن هذا العالم.. نتوسل إليهم الانتظار ولو للحظات لأن أصدق الكلام لم نتفوه به بعد.. وأجمل الأشياء كنا ننوي أن نفعلها برفقتهم لكن الوقت لم يسعفنا..
هذه الرسالة لا تقل أهمية عن روايات ماركيز التي حازت على عدة جوائز ومنها جائزة نوبل، وبرغم اختصاره لكلماتها إلا أنها عصارة فكر ومشاعر وأحاسيس نبيلة نحتاجها في كل زمان ومكان..
كم نحتاج تلك الوصيّة ونحن ننكسر عند آخر منعطفٍ للروح.. ونذوي بحزن منارةٍ شاحبة..
نحاول الهرب من هذا الضجيج الذي يملأ حياتنا، وقد برمجه الكثيرون ليشمل أسعار العملات والدولار وكل الأشياء من حولنا.
نتوقف بدهشة: هل بقي متسعٌ لحلمٍ يعبر أسوار الآتي وينثر بهاءه فوق الدروب..
ماذا ننتظر.. ونحن نكابد طقوس رحيل بعيد..
هل من أحدٍ يقرأ حزن عيوننا وأنهار حنينا الصامتة..
هل من أحدٍ يصالح بعضنا على بعضه!!
كم أنت جميل يا ماركيز.. وأنت تكتب ما يعترينا بكل شفافية وصدق.. حتى لو كان هناك شخص آخر قد زوّر هذه الرسالة باسمك حقاً هو جميل أيضاً في عالمٍ يزداد قباحةً ويضيق بنا حين نشتاق!

منى كامل الأطرش

تصفح المزيد..
آخر الأخبار