الوحدة: 4-9-2022
مفارقات واختلافات عديدة تظهر بوضوح على مادة الموائد الرئيسية (الخبز اليومي)، ميدانها مخابز الدولة والمخابز الخاصّة، حيث يقوم كل منهما بإنتاج الرغيف من نفس الدقيق وكذلك الخميرة، فتقدّم (بعض) الأفران الخاصّة مادة جيدة و مرغوبة، يمكن أن تبقى بسوية جيدة لعدّة أيام، مقابل ذلك أيضاً، تطرح غالبية المخابز الاحتياطية مٌنتجاً قد يتم تناوله خلال الوجبة الصباحية فقط، نتيجة التخزين والتكديس أثناء الليل، فيصبح مهيّأ للتعفّن والتكسير، وبالتالي يأخذ طريقه إلى التشميس وتحضيره للبيع.
هنا يتوجب التساؤل والاستغراب، لم لا تقوم المخابز كلها بإنتاج نفس السوية من الرغيف، بما إن جميع المكوّنات هي نفسها و من ذات المصدر، وهل هناك حلقة مفقودة تؤدي إلى هذا التباين غير المنطقي بين فرن وآخر!؟.
هناك معايير تلعب الدور الرئيسي في هذا الأمر، فالخبرة بالتحضير والتخزين والتهوية وكذلك بيت النار، كلها عوامل أساسية في الإنتاج الجيد، وعندما تتوفر البراعة والإرادة عند المشرفين على الأفران، سنجد أنهم أنتجوا رغيفاً جيداً، وهذا ما يجعلنا نلاحظ التباين بين فرن وآخر، فأحدهما قرر تحكيم ضميره، والآخر أجره للشيطان.
و فيما يخص ميادين أفران الدولة، فهي بحسب النظرة العامة، موطن وظيفة رسمية و ورديات متواصلة، لذلك تقدم منتجاً لا يخضع للاهتمام اللازم…هنا أيضاً يحضر التباين بين فرن وآخر، فهناك مخابز حكومية تُنتج الرغيف بسوية عالية تضاهي الخاصة، بل وتفوقها بدرجات، كمخبز بيت ياشوط مثلاً، فالقائمون عليه بارعون جداً، ويعملون بكل إخلاص، وهذا يدل على أن المسألة خاضعة للمزاجية، وتحكيم الضمير..
كل ما سبق يقودنا للقول: إن الاعتماد على خبرات المنتجين الجيدين للخبز، و توحيد المعايير،و وضع ضوابط رادعة لمن يخالفها، أشياء كفيلة بالوصول إلى غيف خبز يليق بنا !!