ثقافــــــة الكلمـــــة..

العدد: 9328

الأحد-7-4-2019

 

رُبَّ قائل: يغلب على ثقافتنا- في المحافل الأخرى- أنها ثقافة كلمة.. هل نؤيد مثل هذا القول أم نناهضه؟
في خوض الإجابة نقول: من السهل جدَّاً، تأكيد هذا القول، لمن طرحه.. ولو أثبت ذلك فلا ضير، ولا يشكّل أيَّ مذمّة أو منقصة، لكن من زاوية أخرى – ولنا حقّ تقليب الزوايا- نقول: إنَّ تاريخنا العربي بقدر ما يرتكز إلى الكلمة فهو أيضاً يستند إلى وعي وثقافة بصريين منظورين، فالكلمة بحدّ ذاتها تملك فعل القراءة وفعل الكتابة، وفي كلا الفعلين لا بدَّ من أن يشتغل البصر، وهذا ما أنتج بالفعل وبالضرورة ثقافة بصرية، بل خبرة بصرية، كان من نتيجتها ولادة تيار هام في الفن العربي هو تيار الخط العربي الذي بات يتعصرن على أيدي البعض –بل تعصرن- ليواكب التشكيل العالمي.
فضلاً عن هذا وذاك، الإنسان العربي امتاز بطبيعته بميزات خاصة به في القوة الباصرة والقوة الذاكرة، وكما نعلم أنَّ أوَّل و أهم مظهر من مظاهر البيئة الطبيعية في نفسية العربي، حبّه لوصف المرئيات وصفاً دقيقاً، والشعر العربي قبل الإسلام، منه وغيره يؤكد ذلك.
وهذه الملكة في دقة الرؤية استمرت وتركزت في شكل يشبه العلم (العرافة، القيافة) أي قيافة الأثر وقيافة البشر.
إذاً الأساس البصري والثقافة البصرية لهما جذور متينة في التكوين العربي.
إنَّ التراث بحدّ ذاته هوية مدّونة فيها أوصافنا، ومرسومة فيها ملامحنا، لكن المشكلة الهامّة كما نراها، هي في طبيعة المواءمة بين معطيات هذه الهوية مع معطيات العصر بثوراته الكبيرة ومتغيراته الطارئة والسريعة..
وأي ثقافة لا تنسجم مع شروط إيقاع العصر، هي ثقافة ستموت كما حكم عليه البعض.

بسام نوفل هيفا 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار