بين الشـط والجبل…بداية الزلزال

العدد: 9322 
28-3-2019

الملايين من أبناء سورية هدرت في الساحات معلنة غضبها الساطع، ورفضها القاطع لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منح رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو صك ملكية الجولان العربي السوري، وبقدر ما كان الصوت هادراً كان الإصرار راسخاً على استعادته مهما طال مشوار الدم والهم والقلق والتضحيات. 

الخطوة العدوانية المتهورة تشكل بكل تأكيد بداية الزلزال الذي من المنتظر أن يزلزل الأرض تحت أقدام المستعمرين ويبعث حالة من اليقظة الكونية تجاه سياسات أمريكا في العالم.
ترامب أعطى ما لا يملك وتصرف كمالك يوزع الصكوك، وفي ذلك انعطاف خطير، وسلوك عدواني يؤشر لجملة من الرموز والدلالات أولها: بلوغ الاستهتار الأمريكي بالعالم حداً لابد أن يحوّل الهمس الخجول عند بعض الدول والشعوب رعداً هادراً جراء الابتزاز الأمريكي المفروض بالهيمنة والإرهاب والرعب، فما أقدم عليه الرئيس الأمريكي قبل أيام يمكن أن يعيده في أية بقعة من العالم، وثانيها: الخروج المفضوح عن المنطق الدولي والفقه القانوني والشرعية الأممية، وفي ذلك أخطار تواجه البشرية وتجعل من العالم غابة مرعبة يتسيد فيها وحش مفترس يلتهم ويتهم ويحكم ويتحكم دونما رادع من وجدان يقظ، أو إنسانية ملهمة وثالثها: صحوة الرأي العالم العالمي حول سياسات أمريكا التي تدفع لارتكاب كل محرم في القاموس السياسي كرمى لعيون الصهيونية ومشروعها التوسعي.
نعرف جيداً أن الرهان على صحوة الوجدان العالمي ضد شرور أمريكا لن يكبح جماحها في ارتكاب حماقات جديدة، وإنما تقدم جرعة معنوية وتؤسس لمنبر جديد يمكننا من توسيع جبهة أصدقاء حقنا ومناصريه على الساحة الأممية، ونعرف قبل ذلك أن الاعتراف الأمريكي بالجولان كجزء من الكيان الصهيوني لا يعتبر من حقائق التاريخ والجغرافيا فسيادة الدول وحق الشعوب ليسا لعبة يلهو بهما حاكم، ومصير الأوطان لا يقرره مزاج عدواني متقلب مسكون بالهلوسة والهواجس.
السوريون الذين احتشدوا في الشوارع، إنما احتشدوا للاستهزاء والسخرية من القرار الأمريكي وليس لتأكيد حق مغتصب، فالحق صارخ صانته دماء الشهداء وأكدته القرارات الدولية التي تنكّر لها الرئيس الأمريكي مسقطاً بذلك دور أمريكا كراعٍ لعملية السلام التي بدأت في مدريد عام 1991 والتي قامت أساساً على مبدأ الأرض مقابل السلام.
انطلاقاً من ذلك كله فجميع السوريين على دراية أن القرار ليس أكثر من حلقة في سلسلة مشروع عدواني ندفع في مواجهته كل يوم ضريبة الدم.

ابراهيم شعبان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار