أمهاتهم… في آخر يوم للامتحان !

الوحدة 28-5-2022
 
أما وقد انتهى امتحان الأولاد، وها قد عادت مجريات أيامها لعهدها كما باقي الأيام، فقد جاءت اليوم إلى دوامها بأحسن صورة وهيئة وأفضل مزاج، والنفس مرتاحة والقلب مطمئن، فلا دروس ولا وظائف وواجبات، وباقي اليوم من فترة بعد الظهر يحق لهاالانطلاق بعيداً عن  هواجس الدرس التي لازمتها لفصل كامل من عام دراسي، وأقلقتها وكأنها طالبة في المدرسة وهي من تخرجت من الجامعة وودعت أيام الدراسة لتعيدها مع الأولاد.
أذكر صديقتي يوم قالت لي : ليتني أعود صغيرة، وتردف جملتها بالتراجع عن قولها :لكن ما يزعجني أني سأعود وأدرس في المدرسة (لا.. لم نصدق أننا انتهينا من المدارس والدراسة، خليني هكذا أفضل) .
 أما عندما تزوجت فقد عادت تدرس مع أولادها ، و لم تنته من دراستها بعد، إلى أن يكبر الأولاد وينالوا شهاداتهم بأعلى منها..
أم بحر ، لديها ثلاثة صبيان تأتي إلى دوامها اليوم والسعادة تغمرها ، مع اهتمام كامل بزينتها وماكياجها وتصفيف لشعرها وهي التي كانت تلفه دون تمشيط بشكل (كعكة)، تجلس على كرسيها وراء مكتبها بارتياح وهدوء، وتقول : الحمد لله انتهينا من الفحص وكان اليوم الأخير. أنا أحفظ أكثر منهم ويا ليتني لو أستطيع أن أقدم الفحص عنهم لكان ذلك أكثر راحة لي وكنت الأولى في الصف، وتشير إلى أن زوجها لما قال له (بحر) :إنه أجاب عن كل الأسئلة، رد عليه والده : والله يا بابا لو أخطأت بسؤال ( لكان مصير أمك إما جلطة قلبية أو العصفورية ) . 
أما أم ثائر، فقد جاءت تترنح من القلق والخوف. فابنتها لديها آخر مادة في الفحص ديانة، ولم تكن تحفظ منها شيئاً ، وكانت قد أودعتها لوالدها أن يدرسها ويحفظها، مع أن هذه المهمة هي التي توكلت بها منذ السنين الأولى في المدرسة.
أما أم علي، سيدة في الخمسين وقد تأخرت في الإنجاب ليكون ابنها في الصف الرابع تصرخ وتشير إلى أن يدها تؤلمها  من كثرة الكتابة على ورق المسودة ونسخها كل أسئلة الدروس التي تدخل في الامتحان، ولم تنقص منها شيئاً أو يفلت من يدها سؤال، حيث تدرك وتعلم أن السؤال الذي لا تدونه له على الورق يأتي في الامتحان وتكون عندها الكارثة، واليوم تحمد الله وتشكره أن انتهى الامتحان على خير .
أم عامر، تقول: جاء ابنها البارحة من الفحص وهو غاضب ومقهور من المراقب  الذي بدأ يعد لهم الدقائق وأنصاف الساعة وكل حين يرفع صوته قائلاً : صارت الساعة كذا .. باقي من الوقت كذا ..( اخرجوا هيا.. لم يبق من الوقت غير ثلث ساعة وأنتم منكبون على ورقة الأسئلة دون جواب ولن تعرفوه بعد هذا الوقت، ما لكم ..سلموا أوراقكم ودعونا نذهب لبيوتنا ). 
السيدة عبير، ليست كغيرها من الأمهات وقد انتهت مهامها في تدريس ابنتيها المتفوقتين وهما تدرسان في الجامعة واحدة بكلية الصيدلة وأخرى في كلية الطب،لكنها تتذكر الأمس وتتذكر يوم كانت صغيرتاها بالمدرسة وكأنه اليوم لتقول : كانت صغيرتي في الروضة يوم أيقظتها لأول مرة عند الساعة الخامسة صباحاً لأجل التدريب على الإملاء، ولم أكن أصدق أنه لدي ولد وأقوم بتدريسه، لكن مع تتابع سنوات الدراسة مللت الأمر، ووكلت المهمة للمدرسين الخصوصيين ودورات التعليم، وحبات قلبي اليوم تصحوان باكراً من نفسيهما لتدرسان وأستيقظ معهما لأحضر القهوة وبعض ما يرطب القلب وينعش الذاكرة  ويوقظ العقل، فرحة نجاحهما هي فرحتي وشهادة سينالونها ستكون لي معهما ( مع تمنياتي بالفرح  لكل الأمهات بمستقبل رائع لأطفالهن ).
هدى سلوم
تصفح المزيد..
آخر الأخبار