الوحدة: 17- 5- 2022
في كلّ الأزمات التي يتعرّض لها أي بلد تنبتُ طبقةٌ طفيلية، تتمدد شيئاً فشيئاً، لتفرض في النهاية منطقها على كلّ شيء وتتحكّم في كلّ شيء.. لن نشعّب ما نحن بصدد قوله، وسنكتفي بالإشارة إلى وضع الوقود (مازوت وبنزين) وإلى التأرجح الكبير بأسعار هاتين السلعتين في السوق السوداء، والارتفاع والانخفاض المستمرين بهذا السعر وفقاً لما هو متوفر منهما على أرض الواقع، فيكون سعر الليتر خمسة آلاف ليرة في السوق السوداء مساء ليرتفع صباحاً إلى سبعة آلاف وأكثر، ويعود ليهبط إلى أربعة آلاف.. إلخ!
عندما يتوفّر الوقود الحرّ في محطات الوقود يضطر جرذان الأزمة إلى تخفيض أسعارهم، والغريب في الموضوع أنهم على إطلاع دقيق بحركة هاتين السلعتين، فيعرفون أكثر من غيرهم متى ستتوفر المادتان ومتى ستغيبان، وعلى هذا الأساس يتحكمون بالسعر.
يمكننا أن نتجاوز هذا الاحتكار بيسر وسهولة من خلال توفير المادتين بالسعر الحرّ، وأن يكون هذا السعر وسطاً بين السعر المدعوم وسعر السوق السوداء فنقضي على هذه الحفنة من الناس والتي تتحكّم بمصائر الآخرين.. هناك أعمال كثيرة غير ركوب السيارة والدراجة النارية، هناك أعمال زراعية (مسمّدات، مرشات، مناشير، مضخات..) ومن الظلم بمكان أن تستخدم وقوداً من السوق السوداء كما يحصل الآن، مع الإشارة إلى أنه تمّ وضع نظام إمداد بالوقود لهذه الآلات، لكن على أرض الواقع يحصل هذا الأمر مرّة أو مرّتين في السنة وهذا ليس كافياً، إضافة إلى عدم تمكّن كثيرين من الحصول عليه بسبب عدم وضوح الملكية، وبسبب وجود أكثر من مستخدم لمشروع ضخّ مياه ري مثلاً، مع أن الإمداد بالمازوت يكون لشخص واحد، وبالكاد يكفيه إن توفرت المادة!
وفّروا المحروقات، وبشكل منتظم، وأياً كان السعر فإنه أرحم من سعر السوق السوداء، والصيف مازال في أوله وعمليات الري لا تكتمل إلا بمضخات تشفط المياه من قنوات الري إلى الأراضي.
غانم محمد