العدد: 9320
26-3-2019
يقول زرادشت: (لقد علّمتني ذاتي عِزّة جديدة هي ألّا أدفن رأسي في رمال الأشياء السماوية، بل أرفعها رأساً ترابية تبتدع معنى الأرض)..
ها.. جفني يرويه هاطل دمعه..
وها.. دمعي يؤاخي الليل..
وهنا.. عصافير عيوني تطير، تعانق لون الشفق..
وها.. تمضي الحقول، تحط على كتف الشتاء، وحين يعشب الماء ينحني البحر وترسل الأمواج زعانف حزنها، وتشعل الرمال أصابعها.
أنا مشتاق لمساحة صوتك، فلا تجعلي أيامي تشبه الوداع، خبئيني بين أصابعك، دعيني أنسَ وحدتي، وخلي الورود تزهر شموساً، والربيع يورق أنغاماً، هي أيامي تشتهيك سنابل وقمحاً، أفياءً وماءً، فبعثريني بين أحداق الزمان، فكل أحبابي تواروا في تلافيف الغياب.
***
يقول أنطون مقدسي: (يستيقظ الإنسان إلى ذاته وإلى عالمه على حلم يتبخر) وأنا كم وافتني أحلامٌ أرتني إياك جميلة كبدايات الصباح؟ وكم أيقظتني أحلام جعلتني أجتر تواشيح الخرافات؟ وكم عبرتني أحلام ماتت لحظة عبورها؟ وكم من الأحلام عاجلها الرحيل فمضت دون تلويحة وداع؟ أسلمت نفسي للريح، ورأيت كيف راحت الشطآن تنضح ألوانها، وكيف راح الغمام ينفح على مدى وجهي مبللاً قامة حزني المتماوجة على موّال راع يسوق أنغامه على أكتاف الوديان..
***
– يقول كاتنزاكي: (إن النعامة تعدو بأسرع مما تعدو الخيول الضوامر، لكنها لا تزال كالإنسان تغرس رأسها الثقيل في التراب الثقيل)
فمتى يتعود الإنسان الثقيل أن يمشي واقفاً؟
سيف الدين راعي