الوحدة 9-5-2022
هذا اليوم ليس كسابقه, فقد استعدّ لإهداء التحيّة تلو الأخرى على جميع من يعرفهم, بل وأكثر, فهو يفكّر بضمّ كلّ أمنياته في أمنية واحدة, علّها تجمعه بمن يهوى ويحبّ, وهي مثله في عقدها السّتينيّ من العمر , ولا يعرف شيئاً عنها سوى أنّها مقيمةّ في بلاد بعيدة مع أولادها وأحفادها . لكنّ عودتها قريبة جدّاً كما سمع . أطرق مليّاً وهو يستذكر أيّام ربيع عمره حين كانت فتاته شلاّلاً من العذوبة والرّقة, وكيف امتنعت عن لقائه وقطعت عنه سبل المصادفة حتّى؟! غاب في ذاكرته وراح بغفوة مفاجئة رأى فيها السمّاء تلاحقه لغيمة ألقاها ( شالاً) على ظهره ,وهو المتّهم بدقّ مسمار في الماء الذي كان يجري يوماً , ثم توقّف وصار كومة قشّ. أفاق وقد اشتدّت رغبته في حمل باقة تقوده إلى حقل كبير من الورود, فيكمل بداخله قيلولته. لكنّها أي تلك ( القيلولة ) حوّلته إلى غصن لا يعرف كيف يميل, لينكسر موجة متعبة على شاطئ نهايات العمر ,فمضى إلى حيث يعدّ الأيّام ويحصيها ولا يدري لماذا؟ لكنه يدرك أنّه على موعد ما ,وهو ينتظر بلهفة الأطفال وصخبهم, دون أن ينتبه لنفسه وما يرتديه من ملابس صيفيّة في هذا الشّتاء البارد, ولا إلى بطاقة التّقاعد التّي تأخّر في استخدامها ! تحسّس في جيوبه عن علبة دوائه , فوجدها فارغة . ابتسم ابتسامةً خفيفةّ, وهو مقتنع أنّها لن يحتاجها , فهذا اليوم ليس كسابقه , و…. ربّما لن يدرك يوماً آخر ؟!!!
سمير عوض