الوحدة : 25-2-2022
الطلاق في منتصف العمر محنة قاسية يصعب على المرأة التعامل معها. وقد لا ترغب في بذل الجهد اللازم لاجتيازها بأقل قدر من المعاناة. وتحويل هذه المعاناة إلى مكاسب لتنجو بذلك من أمراض نفسية وجسدية في غنى عنها. ولكن المشكلة أن نسبة لا بأس بها من المطلقات في منتصف العمر ، يضيعن أوقاتاً ثمينة في رثاء النفس ، والبكاء على الحظ السيء الذي انتهى بهن إلى الطلاق سيدة في الخمسينات من عمرها ، تبدي ندمها البالغ على عمرها الذي (( ضاع سدى على زوجها الذي لا يستحق مابذلته من مجهود لإسعاده فضلاً عما منحته له من أبناء رائعين بكل المقاييس ، ويعجب بهم كل من يلقاهم )) وتتحسر وهي تضيف أشعر بالغيظ والحقد : لأنهم ينتمون إلى اسم هذا الرجل وأنه يعتز بهم في كل مكان ويتناسى أنني أنا التي صنعت هذا النجاح ، وقد حاولت جاهدة ولكن من دون جدوى ، استمالتهم إلي وإجبارهم على مقاطعة والدهم الذي طلقني بحجة أنني لا أهتم بنفسي ولم أعد أرضيه كزوجة ، ولذا تزوج بأخرى، ولم تكتف ضرتي بذلك بل أمرته بتطليقي ونفذ أمرها من دون تردد وتناسى أن اهتمامي بتربية أولاده كان السبب وراء إهمالي لنفسي ، وأنه لم يكن ممكناً أن أنجح في دور الزوجة والأم معاً فاخترت ما رأيت إنه الأفضل . تلتقط أنفاسها ثم تواصل الحديث وعبثاً حاولت إفهام أولادي بهذه الحقائق ، وأنني ضحيت بزواجي لأجلهم وأن عليهم رد الجميل ومقاطعة والدهم وزوجته وعدم الذهاب إليه ولكنهم رفضوا جميعاً حتى ابني الأصغر ، وهو الوحيد الذي لم يتزوج بعد ، تحداني وأصر على الذهاب إلى والده. وبكت السيدة وهي تنعي حظها العاثر ، وتقول : كيف سأواجه الناس وأنا في حفل زفاف ابني ، هل سأجلس وحيدة على مائدة وأجد زوجي السابق وغريمتي على مائدة أخرى يتضاحكان ويستقبلان الضيوف ؟ وواصلت حديثها قائلة: لذا أعيش حياتي كسيرة النفس ، حسيرة القلب ألتهم الطعام بكثرة حتى زاد وزني وبالطبع ينتقدني أولادي ويرون أنني قد أصبحت سيئة المزاج وأبكي كلما رأيتهم، ولاحظت تباعد زياراتهم لي واكتفاءهم بمكالمات هاتفية سريعة بحجة الانشغال بأمور تافهة ، وهو ما يجعلني أشعر بأنني انتهيت وأن حياتي ضاعت بسبب هذا الرجل الجاحد وأولاده الذين يناصرونه من دون وجه حق ، وبالطبع لا يمكنني أن أفكر في الزواج ، فمن أين لي بزوج يرضى بحطام امرأة أنهكتها الحياة وكلفتها ما لا يطيقه البشر. أخطاء الأم مجروحة إن هذه السيدة المجروحة ارتكبت أخطاء لابد من التوقف عندها مع احترام مشاعرها وألمها الإنساني ولكن ليس الأمر صحيحاً أنه لايمكن الجمع بين النجاح في دور الزوجة والأم معاً ، فهناك ملايين الزوجات اللواتي نجحن في الموازنة بين هذين الدورين معاً، كما أن هذه السيدة لم تكن موفقة على الإطلاق عندما تحدثت عن أولادها فقد حرصت على نسبتهم إلى والدهم وكأنهم أولاده وحده أو كأنها قامت بتربيتهم لتخظى( بتصفيق ) من زوجها. لا لأن الأمومة رسالة رائعة تستمتع بها كل أم، لذا كان من الخطأ ممارسة الأم للضغط المعنوي على أولادها للاختيار بينها وبين الأب فليس من العدل تحريض الأبناء على عقوق الوالدين أو أحدهما فهي من الكبائر المنهي عنها شرعاً . فعلى كل مطلقة أن تطفئ نيران غضبها وحدها من دون الحاجة إلى مساندة خارجية من الأبناء ويمكنها ذلك متى تذكرت أن الحياة رحلة قصيرة وليس من الحكمة إضاعة الوقت في التحسر على ما فات بل عليها أن تخطط لغد أفضل ، والأفضل هنا أن تردد الزوجة لنفسها يومياً من تركني لا يستحق اهتمامي وسأبدأ حياة جديدة وأفرح بتخلصي من بعض المسؤوليات السابقة وأهتم بنفسي شكلاً وموضوعاً وأهتم بأناقتي وجمالي لأن ذلك سيفيدني نفسياً وسيخلصني من شماتة الآخرين وسيجعل أولادي يقبلون على محبتي. لأن الإنسان يحب صحبة السعداء الذين لا يضيقون الخناق على من يحبونهم .
لمي معروف