كواليس القصيد…الطبع غلب التطبع

الوحدة 29-11-2021

 

 حكت العرب أن أعرابية تسعى في المرعى وجدت يوماً جرو ذئب صغير حديث الولادة قد شارف على الموت فرقَّ قلبها عليه وأشفقت على حاله وقد فارق أمه وأضحى على شفير الهلاك فأخذته واعتنت به وصارت تحلب شاتها وتطعمه من حليبها حتى عادت إليه عافيته وأبقته عندها وتابعت تربيته بجوار شاتها التي أضحت بمثابة أمه حتى كبر واشتد منه العود، وبينما هي يوماً في أمرٍ لها عادت فوجدت الذئب قد قتل شويهتها(شاتها) وافترسها بعد أن بقر بطنها بأنيابه ومزق جلدها بمخالبه، فحزنت على شاتها التي كانت مورد عيشها حزناً شديداً وندمت على احتضانها لجروٍ تعرف أن طباعه وفطرته طباع عداوة وفطرة افتراس ولن تفيد فيه تربية دهر ولا تأديب أديب فأنشدت تقول: بقَرْتَ شويهتي وفجعت قلبي وأنت لشاتنا ولدٌ ربيبُ غُذيت بدرّها ورُبيت فينا فمن أنباكَ أن أباكَ ذيبُ إذا كان الطباع طباع سوءٍ فلا أدبٌ يفيدُ ولا أديبُ البيت الأخير من هذا القصيد القصير المعبر أضحى مثلاً يستدل به على غلبة الطبع للتطبع، وما أحوج أعراب اليوم الذين يلهثون وراء الضبع يريدون معه تطبيعاً إلى الاعتبار من قصة هذه الأبيات فالطبع سيغلب التطبيع والضبع يسعى إلى التطويع حتى يتمكن من الشاة التي تدر الزيت والنفط فيبقر بطنها ويبقر معها بطون الأعراب الذين لن يفيدهم يومها أدبٌ ولا أديبُ.

شروق ضاهر

تصفح المزيد..
آخر الأخبار