علم الفلك بين الحقيقة والخيال

الوحدة : 24-11-2021

يخلط كثيرون بين مصطلحيّ علم الفلك والتنجيم، كما يغالون في ملاحقة توقعات أبراجهم ظناً منهم أن لها أساساً علمياً دقيقاً مرتبطاً بعلم الفلك، وعادة ما نسمع أن أحدهم قد ينتظر وصول كوكب ما لبرجه ليمده بالطاقة والانفراجات.
واليوم وبجهود مميزة للجمعية الفلكية السورية تسعى من خلالها لتوضيح اللّبس في هذا الموضوع من خلال محاضرات نوعية، ولهذا وجدنا أنه لابد من توضيح يستند على أساس علمي من أصحاب الاختصاص للوقوف على صحة ما يتم تداوله من تأثير للكواكب على حياة الإنسان ومصيره، ومن هنا جاء لقاؤنا بالدكتور مضر ديوب رئيس الجمعية الفلكية باللاذقية الذي يضع بين أيدي القراء أدلة تدحض زيف ادعاءات المنجمين، وبدورنا حملناها لكم في مادتنا هذه.
بداية يوضح د. ديوب أن علم الفلك اصطلاحاً يسمى ( Astronomy) وهو يهتم بنشأة الكون ومصيره وتطوره ودراسة كل ما فيه من أجرام (مجرات نجوم وكواكب…)على أسس علمية متينة، كما أنه في تطور مستمر وجميع الحقائق فيه متفق عليها وموحدة لكل دول العالم، ويمكن التحقق منها وإثباتها بالبراهين والإرصاد، أما التنجيم فهو يسمى اصطلاحاً ( Astrology)وهو يهتم بالأجرام السماوية نجوم وكواكب وأثرها المزعوم على الإنسان والتنبؤ بمستقبله بدون أي أسس علمية ولا منطقية، ولا يمكن إثباته بأي تجارب علمية أو إرصاد فلكية، فهو عبارة عن أساطير موروثة وخرافات حيث أن لكل مدرسة بالتنجيم مزاعم تختلف عن الأخرى.
وقد بيّن د. مضر ديوب أهم الأدلة الفلكية والمنطقية لدحض زيف أبراج المنجمين وكيفية الردّ على المنجمين في مزاعمهم حول خرافات الأبراج وتأثيرها على مصير الإنسان وقدره ، ومنها أن كثيراً من المنجمين يعتمدون فكرة أن الأرض مركز الكون وكل ما في الكون يدور حولها، وهي فكرة قديمة حيث أُثبت أن الشمس هي مركز المجموعة الشمسية وليس الأرض، وكذلك قدم د. ديوب دليلاً آخر وهو أن الشمس ليست كوكباً لبرج الأسد فهي نجم وليست كوكباً وهي تمر على جميع الأبراج على مدار العام ولا تمكث في برج الأسد فقط، وكذلك فإن القمر ليس كوكباً لبرج السرطان فهو تابع لكوكب الأرض ويدور حوله حيث أن الكواكب لا تمكث في برج محدد طوال العام بل تنتقل من برج لأخر طوال العام.
ونوّه د. ديوب إلى أن المدرسة القديمة كانت تعتمد الكواكب الستة (من عطارد لغاية زحل فقط)، لكن المصيبة أن كثيرين لازالوا يتبعونها رغم الاكتشافات الحديثة للكواكب بعد زحل، واستبعاد كوكب بلوتو منذ عام 2006.
وأكد د. ديوب أن تواريخ الأبراج المتداولة ليست صحيحة إطلاقاً فعلى سبيل المثال البرج الأول في السنة هو برج الحوت حيث لم تعد الشمس تدخل برج الحمل في الحادي والعشرين من آذار كما يظن كثيرون وذلك منذ 2000 عام كما أن العدد الحقيقي للأبراج هو 13 برجاً وليس 12 ، والبرج الثالث عشر هو برج حواء، والفترات الزمنية للأبراج كما يقدمها المنجمون لعموم الناس حيث بالسنة 12 شهراً وكل برج 30 يوماً هو تقسيم ساذج غير صحيح إطلاقاً.
ولفت د. ديوب إلى أن الأبراج ليست إلا تشكيلات نجمية ظاهرية لتراصف وهمي لنجوم معينة توحي لنا بأشكال معينة، تختلف من حضارة لأخرى وهي ستزول بعد آلاف السنين ويذهب كل منها في جميع الاتجاهات الممكنة، إضافة لعدم وجود أي أثر لأي كوكب في المجموعة الشمسية على الإنسان بسبب المسافات السحيقة التي تفصلنا عنها، وما يصلنا من الكون لا يتعدى الأمواج الكهرطيسية بكل أطيافها وليس كما يزعم المنجمون أن الكواكب والنجوم تؤثر علينا آنيّاً وهذا غير صحيح إطلاقاً.
وتابع د. ديوب حديثه قائلاً: إن ما يجعل المنجمين ينجحون أحياناً هو اتباعهم أسلوب التأثير بالإيحاء والكلام بالعموميات، حيث أنه من غير المنطقي أن يكون هناك ملايين الناس حول العالم لهم نفس السلوك والمزاج والقدر وهذا غير منطقي، كما أن علم التنجيم لم يتغير منذ مئات السنين ولم يواكب الاكتشافات العلمية الفلكية الحديثة ولم يستند إلى قوانين قابلة للبرهان، واختتم د. ديوب قائلاً: لا يوجد شهر خير وشهر شرّ والحياة لا تحوي اللونين الأبيض والأسود بل فيها كل الألوان ولكن نحن نرى ما نريد أن نرى.

 ياسمين شعبان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار