بقرات.. وحسرات

الوحدة: 5-10-2021  http://youtu.be/qJmSCezCiZ4

أيتها البقرة الضاحكة المدلّلة، يا صاحبة العيون الشاعرية، لقد كُتب على الجميع محبتك بجدارة، بات سعر عصيرك الأبيض ١٥٠٠ ليرة، وعند تحويله إلى لبن يصبح ١٧٠٠ ليرة، هذا الرقم يذكّرني بتطابقه مع راتبي الوظيفي تسعينات القرن الماضي، صاحب البقرة وولي نعمتها يؤكد أن هذا الرقم لا زال قليلاً بالنسبة لما يتم تقديمه لهذه الدّابة، يُردف قائلاً بنبرة قاسية حادة (وقد تمرض وتموت) ونحن نشاطره غلاء العلف بأشكاله، لكننا نمازحه بأمور كثيرة، بأن هذه الدابة مستحيل أن تعيش فقط على العلف الصناعي، فهي عاشبة قبل كل شيء وموسم الأعشاب يقارب الأربعة أشهر، بالإضافة إلى إمكانية تخزينه كالتبن، وهذا ليس بالمكلف كما تدّعون، كما أننا نعلم بأن صاحب بضع بقرات (سِمان) عليه تأمين أدوية وعلف مركّز ولوازم أخرى هي مكلفة إلى حدٍ ما، بالمقابل كل شيء تنتجه تلك البقرة أصبح على ميزانٍ رقمي دقيق، أسعار خيالية ابتداءً من زبلها المرغوب ومولودها الجميل وحليبها وما يكتنز من الجبن القابع بأحلام محبيه، لكن الكلام ينتهي عند التاجر الشاري لهذا الحليب الباحث عن مردود لتجارته وتنقّله الطويل بين ثغور القرى البعيدة، لذلك أيتها البقرة الرقطاء كوني كريمة كعادتك علّمي صاحبك التقوى، فمن عنده تبدأ ويلات الغلاء والفُجور، وآن لكي الخروج من أحلام أخناتون فنحن على أبواب عشر أُخر من ذلك القحط الدامي، فقد مللنا الانتظار ليبدأ الحلم الوردي وسنابل القمح الملأى بالخير الوفير لتكون البقية الباقية من أعمارنا ناعمة مريحة، لعلنا ننزل تلك الحافة المستطيلة بأمان حيث ننام بهدوء.
سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار