الوحدة – يمامة ابراهيم
لأن النظافة عنوان حضارة وتقدم ورقي، ولأن الحكم على تمدن أي شعب يبدأ من بوابة النظافة، ولأن أحكام قانون النظافة رقم ٤٩ لعام ٢٠٠٤ لم تثمر في وقف تجاوزات حولت كل الأمكنة إلى مكبات للقمامة مداخل الأبنية، الأقبية، الشوارع، الحدائق، حواف الطرق، المسيلات المائية، أطراف الغابات إلخ.
أمام سلوك كهذا كان لابد من إجراء رادع يعيد تقويم هذا السلوك ليسير منتظماً على سكة السلامة والأمان المجتمعي من خلال تعديلات ردعية على مواد القانون ٤٩ تبدأ بغرامة ١٠٠ ألف ليرة، وتنتهي ب١٠ ملايين وما بينهما مخالفات عديدة متدرجة القيمة.
التعديلات الجديدة الصارمة والمرتفعة القيمة كثيراً هدفها الردع بالدرجة الأولى، وتقويم السلوك المعوج لينسجم مع التوجه المجتمعي الرسمي والأهلي بتحقيق نظافة المدينة كأحد أهم معالم تحضرها.
التعديلات لم تترك ثغرة إلا وتوقفت عندها، وحددت غرامة من يتجاوزها بما في ذلك رمي أعقاب السجائر والعبوات الفارغة للمشروبات الغازية والقهوة وغيرها، وحسناً أنها شملت نباشي القمامة والمنقبين في الحاويات، وهؤلاء تحولوا إلى جيش لكثرتهم، ولهم من يديرهم، ويحدد أماكنهم، ويعتبرون الأخطر على نظافة المدينة لأنهم يبددون جهد عمال النظافة بأفعالهم وسلوكياتهم غير المسؤولة.
كلنا نتطلع إلى مدينة عصرية، وذلك لا يتحقق إلا بمشاركتنا جميعاً وبتعاوننا جميعاً، وبكل تأكيد لم تأت التعديلات إلا لهذه الغاية وليس لهدف آخر كما يسوغ البعض، فالهدف النهائي هو نظافة المدينة والمدينة مدينتنا ونظافتها مسؤوليتنا أما أن نرمي المسؤولية كاملة على كاهل عمال النظافة فهذا هروب من المسؤولية وتنصل من الواجب الأخلاقي والمجتمعي، ويتنافى مع مقولة من عتبة البيت يبدأ الوطن.