الوحدة : 21-7-2021
مرّ موسم الكرز، ومرّ موسم المشمش، وحتى (الجبس) فاكهة المستضعفين في الأرض بالكاد نلقي عليه السلام في مشاوير تعبنا..
هذا موسم التين، ليتنا نستطيع كما كنّا صغاراً، نملأ جوفنا من أي شجرة تصادفنا، أما الآن فكلّ (شمّوط بـ زلمة)، والويل لمن يقرب شجرة ليست له!
الصبّار، بات التعامل (الاستثماري) مع هذا المحصول أصعب من شوكه، ولم يعد موسماً (مفتوحاً)، بل أُغلق كما أغلقت معظم شواطئنا، وإن كانت تسمياتها مفتوحة!
الدرّاق.. لو يقبل صاحب أي بسطة أن نلتقط صورة تذكارية مع هذه الفاكهة اللذيذة لفعلنا ذلك..
لا أحد يعتقد أننا نبالغ، فالآن وبعد وصول الراتب إلى نحو (120) ألف ليرة سورية (بالطبع للفئة الأولى وأصحاب القدم)، ولمن منّ الله عليه بثلاثة أولاد، فإن (15) ألفاً من هذا الراتب هي ثمن ربطتي خبز على مدار الشهر (14 رغيفاً بغض النظر عن حجم الرغيف لخمسة أشخاص باليوم)، وإذا ما اكتفت هذه الأسرة (القنوعة) الحامدة الله والحكومة على النعمة، بـ (بيضة) لكل شخص على الوجبة، أي (15) بيضة في اليوم، أي (450) بيضة في الشهر، أي ما مجموعه أكثر من الراتب مع الزيادة!
يا أخي (ليش النقّ)، هناك بيوت فيها راتبان (الزوج والزوجة)، هذا صحيح، هؤلاء بإمكانهم أن يضيفوا البطاطا إلى وجباتهم، ويصرفوا ما تبقى من الراتب على ملذاتهم الشخصية..
إذاً، ليبحث الأطباء عن مهنة أخرى لأننا لن نزورهم بعد اليوم، ولتغلق الصيدليات أبوابها كنتيجة حتمية لذلك، ولنحوّل هواتفنا النقّالة إلى لعب أطفال، وليذهب أصحاب محلات الحلويات إلى الجحيم، و…
السيد رئيس مجلس الوزراء المحترم، تحية طيبة، وكل عام وأنت بألف خير..
نعرف أدقّ تفاصيل رغيف الخبز، ونعرف رحلته الشاقة قبل أن يستقر في معدتنا، وندرك أيضاً الظروف الصعبة التي تحكم أيامنا، وويلات الحصار والإرهاب والحرب الظالمة المفروضة علينا..
يكفينا رغيف واحد إن قلتم وبكلّ شفافية إنّ هذا هو المتوفّر، وهذه هي طاقتنا القصوى في هذا الصدد، ولن تجد مواطناً قادراً على الصبر أكثر من المواطن السوري..
لكن أن تقولوا إنّه وبعد دراسة، إنّ رغيفين من الخبز يكفيان الشخص في اليوم فهذا ما لن يقبله عقل على الإطلاق..
قد يكون بالنسبة لبعض من أنعم الله عليهم هذا الرغيف كافياً، لأنهم بالأساس يأكلون اللحمة بالسكين والشوكة وبلا خبز، أما نحن يا سيّدي رئيس مجلس الوزراء فإننا نأكل مع (المجدرة) خبزاً من أجل أن تكفينا (طنجرة المجدرة).
السيد رئيس مجلس الوزراء: من صلاحيتك أن تلغي قراراً اتخذه وزير في حكومتك وفقاً للتدرّج الوظيفي والمسؤوليات والصلاحيات، وإذا ما فعلت ذلك، وأعدتَ النظر بمخصصات الفرد من الخبز فسنكون لك من الشاكرين..
في الامتحانات، لا يستطيعون ضبط الامتحانات، ولا يثقون بأخلاق المراقبين فيقطعون الأنترنت والاتصالات، ومع الخبز لا يستطيعون ردع المخالفين فيخففون المخصصات، وفي الحالتين لا أحد غير المواطن المعتر يدفع الثمن… المسؤول سيأخذ ما يحتاجه من خبز (منقّى كل خبزة أحلى من الثانية)، والمتنفّذ سيوصل الأجوبة لابنه على مقعد الامتحان سواء قطعوا الأنترنت أم لا، وبالتالي فكلّ هذه الإجراءات لا طائل منها سوى قهر المواطن المقهور أصلاً.
غانم محمد