كواليس الأغاني… عميد الأدب العربي في حضرة الزجل الشعبي

الوحدة 12-5-2021

 

 

ينتشر فن الزجل في لبنان وسورية وشمال الأردن وفلسطين وهو لون ارتجالي من ألوان الشعر باللغة المحكية ما يجعل هذا الفن ضرباً من ضروب الثقافة والأدب الشعبي المحبب من الجميع على اختلاف مشاربهم الفكرية والثقافية لأنه شعر عامي بسيط لا يتقيد بقواعد الإعراب ويبتعد عن تعقيدات البلاغة بمعناها اللغوي الفصيح رغم التزامه بالوزن والقافية، وصفه صفي الدين الحلي بقوله: هذا الفن حلال الإعراب فيه حرام وهو السهل الممتنع والأدنى المرتفع.

مناظرات الزجّالين المتمكنين ممتعة تشدّ المستمع إلى جوّ من التشويق المغلّف بالتساؤل والفضول اذ يدلي واحدهم بدلوه أولاَ ليردّ عليه الآخر من جنس قوله ما يجعل المصغي متشوقاً إلى سماع الرد، كلمات تدخل الصدور فتترجمها القلوب دون حاجة إلى إعمال العقل والتفكير، كل ذلك يجري على إيقاع الدف وكأنه حضرة أدب شعبي صوفية!

عميد الأدب العربي طه حسين طلب في احدى زياراته إلى بيروت حضور جلسة زجل فدعاه صديقه إلى حفلة زجل لفرقة شحرور الوادي آنذاك وعند دخولهم القاعة رحّب أحد الحضور بعميد الأدب العربي الكفيف (أهلاً وسهلاً بطه حسين) وفي الحال ارتجل الشحرور زجليته: أهلا وسهلا بطه حسين

ربي أعطاني عينين

العين الوحدة بتكفيني

خدلك عين وخلي عين.

ابتسم طه حسين وانتظر الآتي ليكون الشاعر علي الحاج واجب الرد:

أهلا وسهلا بطه حسين بيلزملك عينين اتنين

تكرّم شحرور الوادي منو عين ومني عين

بدا طه حسين متمتّعاً بما يسمع فزاده أنيس روحانا من المتعة بيتاً بردّه:

لا تقبل يا طه حسين من كل واحد عين

بقدّملك زوج عيوني هدية لا قرضة ولا دين

ضحك طه حسين وهزّ برأسه متشوقاً لمعرفة الرد الرابع فماذا تبقى ليقال؟

تكفّل بذلك الشاعر طانيوس عبده بردّه:

مابيلزملو طه حسين عين ولا اكتر من عين

الله اختصو بعين العقل بيقشع فيها عالميلين.

من المؤكد أنه طه حسين بكل ما تحمله قريحته الفكرية من نفيس الأدب أعجب بما سمع على بساطته وارتجاليته والدليل بقاء هذا اللقاء على مدونة الأجيال تتناقله القلوب قبل الألسن في حضرة الزجل الشعبي.

شروق ديب ضاهر

تصفح المزيد..
آخر الأخبار