الفنان التشكيلي محمد هدلا: طرطوس حاضرة في لوحاتي ولكني لم أقدمها بشكل فوتوغرافي

الوحدة: 9-3-2021

 

 

 

عن ملامح تجربته الفنية يقول الفنان التشكيلي محمد هدلا إنها تعتمد بكل بساطة ووضوح على ارتباطها الوثيق بالبيئة البحرية ويبدو أثرها جلياً في مختلف المراحل الفنية، ومن هذا المنطلق تستمد تجربتي الفنية خصوصيتها من خلال العلاقة القوية بينها وبين عناصر البيئة البحرية المتنوعة، ومن خلال معالجة تشكيلية حديثة ورؤية فنية خاصة، وهذا ما نراه في أعماله المتنوعة إذ يمزج التشكيلي محمد هدلا في لوحته عدة أساليب فنية مستخدماً أسلوباً خاصاً به معتمداً في مفردات مواضيعه على تفاصيل من بيئته الساحلية، حيث يبدو المشهد البحري واضحاً في معظم أعماله إضافة للمرأة بسكناتها وخلجاتها وحالاتها المتفردة، ولمعرفة تفاصيل أكثر عن تجربته التشكيلية كان لـ جريدة الوحدة هذا الحوار معه.

 – ما هي أهم المراحل الفنية التي مررت بها خلال مسيرتك التشكيلية وما هي خصوصية كل مرحلة؟

هناك مرحلتان أساسيتان، هما مرحلة الدراسة الأكاديمية في كلية الفنون الجميلة (جامعة دمشق) وهي المرحلة التي تم فيها صقل الموهبة والتزوّد بالمعلومات الأساسية لعمل المستقبل سواء في المواد العملية أو النظرية من قبل كبار الفنّانين في سورية كفاتح المدرّس، محمود حماد، نصير شورى والياس زيات، أما المرحلة الأخرى، فهي مرحلة البحث عن الأسلوب والتقنية وإنجاز الأعمال الفنّية وإقامة المعارض في سورية وخارجها وهي مستمرة حتى الآن.

– تفرّدت بأسلوب خاص في التشكيل، نراك تمزج بين الرمل البحري والكولاج وخامات متنوعة، ماذا تحدثنا عن هذه الخصوصية في العمل التشكيلي؟

أحببت العمل على الرمل البحري، لأنه يعكس خصوصية مدينة طرطوس القديمة المبنية من الحجر الرملي، فهو يمنح اللوحة سطحاً جميلاً وتتبدّل ألوان اللوحة بحسب انعكاس الضوء عليها، ولمسات الفرشاة عليه تصبح أكثر حيوية وتألقاً، أما الكولاج فإني أستعمله بعدّة أشكال (ورق جرائد- ورق مجلات ملونة- قماش) فهو يغني سطح اللوحة ويساهم في إبراز قيمتها اللونية.

– بعد هذا المشوار الفنّي الطويل والغني، كيف تنظر إلى واقع التشكيل والتشكيليين في ظل هذه الظروف التي نمر بها؟

 واقع صعب ومرير، فالمواد الأساسية للعمل الفنّي أصبحت أسعارها خيالية وهناك كساد كبير في اقتناء الأعمال الفنّية وترويجها، ومع هذا كله فالفنان الأصيل والصادق لا بد له أن يستمر في الإبداع مهما كانت الظروف، ولو كان ذلك على حساب لقمة عيشه وسعادته، والذي نلاحظه الآن، أنّ هناك تحدّي كبير لهذه الأزمة من قبل الفنّانين والمعنيين بالشأن الثقافي، وما زالت المعارض الفنية والجماعية تقام، والملتقيات الفنّية في أغلب المناطق أيضاً، مما يجعلنا نشعر بالتفاؤل بتجاوز هذه الأزمة.

– برأيك هل تأخذ الدراسة الأكاديمية دوراً في عملية النضوج الفني لدى الفنّان التشكيلي؟

 أكيد، فمن شروط نجاح الفنّان عدّة عوامل، وهي الموهبة والدراسة الأكاديمية ثم العمل والاطّلاع، فالدراسة الأكاديمية تصقل الموهبة، ولو رجعنا إلى تاريخ الفن لوجدنا أن أغلب الفنانين الذين أثّروا في الفن الحديث هم الذين درسوا دراسة أكاديمية كبيكاسو وجورج براك وسلفادور دالي. فالدراسة الأكاديمية تمنح الفنّان الأرضية الصلبة لكي ينطلق في عالم الإبداع.

– إلى أي مدى تلعب المهارات والأسلوب في جعل اللوحة أكثر غنى وقيمة فنّية؟

 هذا يعود إلى الفنّان وتمكّنه من أدوات تعبيره وتقنياته ورؤيته الجمالية وصياغته اللّونية، وعندما يقوم بتوليف هذه العناصر بشكل جميل وبحيث تصبح اللوحة جاذبة للمتلقي فتجعله يغوص في عوالمها الجمالية والتعبيرية، وتمنحه الإحساس الجمالي الراقي.

– ما هي العلاقة بين اللوحة المنجزة وبينك؟

 اللوحة المنجزة تبقى جزءاً مني، حتى لو غادرتني وتم اقتناؤها من الغير، لأن اللوحة التي أنجزها فيها الكثير من الإحساس والتعبير والحلم الذي كنت أعيشه حين إبداعها، وهي تبقى في الذاكرة والأرشيف.

– لطرطوس القديمة حضور قوي ومكانة كبيرة بلوحاتك، كيف قدّمتها وكيف عبّرت عن هذه العلاقة بلوحاتك؟

 ولدت بمدينة طرطوس, وتفتّحت عيوني على معالمها التاريخية والجماليّة, إنها أكمل مدينة فينيقية على البحر المتوسط, وهي مدينة بحرية بامتياز, لم أقدمها بشكل فوتوغرافي أو سياحي كما يفعل بعض الفنّانين, إنما أخذت أجمل ما فيها من عناصر معمارية مميزة كالقباب والأقواس والقناطر والأدراج والشبابيك المميزة, ثمّ عبّرت عنها بأسلوب واقعي حديث يجمع بين التجريد والواقع, وهي حاضرة في أغلب أعمالي سواء رسمت المرأة أم الطبيعة الصامتة, ودائماً هناك المركب رمز الترحال والسفر, وهو بمثابة توقيعي على اللوحة, ومن البحر استمدُّ ألوانه الزرقاء المتنوعة.

– المرأة، لماذا تركّز عليها بكل طقوسها وانفعالاتها؟

 المرأة ملهمة للفنانين ومحرّضة للشعراء منذ القديم، وهي رمز ليس لعبودية الرجل وإنما طقس ديني واحتفالي للحب والجمال، تضجُّ بالدفءْ والحنان، أرسمها بكل حالاتها، بفرحها وحزنها وآلامها وآمالها.

– أخيراً… ماذا تقدّم من نصائح وإرشادات لجيل التشكيليين الجدد والذين هم في أول مشوارهم الفنّي؟

 التواضع والدراسة والعمل الدؤوب والاطّلاع على أحدث الأعمال الفنّية سواء بزيارة المعارض أو مشاهدة برامج التلفزيون الثقافية والفنّية والمجلات والجرائد المتخصصة في الفن التشكيلي بالإضافة إلى ما يقدّمه الفيسبوك واليوتيوب.

 الجدير بالذكر أن الفنان محمد هدلا من مواليد طرطوس سنة 1952 تخرج في كلية الفنون الجميلة بدمشق، قسم التصوير، وعمل موجهاً اختصاصياً لمادة التربية الفنية في محافظة طرطوس وأعماله مقتناة داخل سورية وخارجها في متاحف رسمية ومجموعات خاصة.

ريم ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار