بين الشط والجبل ..ما بين حربين

الوحدة 10-2-2021

 

 

شتتنا الأيام.. وابتعد أغلبنا.. بعضنا تطوع في الجيش، والبعض التحق بالخدمة الإلزامية.. وبعضنا صار معلماً.. وقلة ممن تفرغوا للنضال، والبعض غابوا.. أين؟ لا أعلم!

ما بين الحربين صرت معلماً وطالب جامعة في آن معاً.. عينت معلماً في الحسكة.. والشام بالنسبة لي صرت أعرفها بجامعتها.. وشوارعها وأسماء حاراتها كزهرة الريح..

وكثيراً ما كنت أشارك في الحوارات التي تدور في (بوفيهات) الجامعة، وفي مقهى الـ (هافانا) ومقهى الحجاز، عن اليمين واليسار.. غيفارا وماتسيتونغ.. لينين. وزكي الأرسوزي، وأنطون سعادة، والفلاسفة والشعراء، وصعاليك الشام..

وعن الشعر والشعراء كم كانت الجلسات حميمة وممتعة.. تنفضُّ على فرح، بينما حوارات السياسة كانت دائماً تنفض على خلافات واتهامات في (الإيديولوجيات) والانتماءات.. قد تصل في بعض الحالات إلى الخيانة العظمى، لمبادئ هذا الحزب أو ذاك التنظيم.

وكم كانت كثيرة تلك الاتهامات؟!

ويعلو الصياح بيننا، نحن اليسارين، وبين اليمينيين.. أبناء البرجوازية البغيضة.. التي سرقت وما تزال تسرق جهود العمال والفلاحين، والطيبين على هذه الأرض..

ويحتدم النقاش، إلى درجة أن يتشابك البعض بالشتائم والألسن:

أنت رجعي

أنتم إنغلا شيون

أنت مؤيد لأمريكا

أنتم متآمرون

أنتم محكومون باليسار والانفلاش.

أنتم رأس الفوضى

أنتم أعداء الشعوب المقهورة

أنتم عبيد الإمبريالية العالمية

أنتم حالمون، ولن تتحقق أحلامكم..

أنتم رجعيون وانفصاليون

وأنتم؟

وأنتم؟

وتختتم الحوارات بالشتائم والسباب، ومغادرة الطاولة، والرجوع إليها في اليوم الثاني، أو بعد المحاضرة التي نحضرها لنعاود الكرة من جديد وكأن شيئاً لم يكن.

بديع صقور

تصفح المزيد..
آخر الأخبار