الوحدة 20-1-2021
لم أعد أذكر آخر وردة, أو باقة ورد وصلتني هدية! كانت هدية الورود بالنسبة لي خسارة.. إذ تضعها في الماء, وتذبل أمام عينيك بعد يوم, أو أكثر, ثم ترميها.
كانت الورود بالنسبة لي غالية.. لكن كنا نضطر لتقديمها في المناسبات, وبمحبة.
وحين تصلني وردة, أو باقة ورد.. كنت أفرح لثوانٍ, ثم أحمل همَ ورد جميل يذبل أمام ناظري… وحتى لا أحزن برميها كنت أقوم بتيبيسها, والاحتفاظ بها كذكرى.
أحب الورود في تربته, على سور حديقته.. في الحقل, وحتى بجانب رصيف..
وأفرح لرؤياه فرحاً لا يضاهي فرح رؤية باقة ملفوفة بورق يلمع, وشريط يأسر.
تسألني صديقتي اليوم عن أسعار الورود ؟
وأضحك من السؤال, وأنا أحاول تذكر آخر وردة اشتريتها, وآخر وردة وصلتني كهدية!
لم أتذكر.. ولا أعرف طبعاً أسعار الورود اليوم.
آخر باقة ورد استلمتها كانت لأخرى, وبالخطأ وصلتني, ولم أعرف من المرسل لكن عرفت صاحبة النصيب، احتفظت بورودها حتى وصلت, واستلمت الأمانة، ونزل عن كاهلي حمل همها..
بائع الورود الذي أمر به كل يوم في طريق عودتي من عملي تقلصت بضاعته وكانت قبل تملأ الرصيف أمام محله، حتى أساور الموتى التي يصنعها بإتقان من ورد وشوك اختفت من المحل رغم كثرة الموتى!
بائع الورد هذا.. كان اليوم يمارس رياضة المشي السريع على رصيف محله جيئة وذهاباً, بينما المحل فارغ إلا من عدة باقات حمراء فقط تزين الواجهة المعتمة وعدة العمل منثورة على الأرض هنا وهناك!
على الشاطئ البحري, ورغم الأمطار.. كانت طفلة تقارب العاشرة من العمر أو أكثر قليلاً، تبيع ورداً جورياً ذابلاً, وحزيناً كوجه بائعته، تلحق بشاب وفتاة, وتطلب بذل وإصرار مقيتين أن يشتري الحبيب لحبيبته وردة!
كان الشاب غاضباً– ربما لا يملك ثمنها– وقد أحرجته، ولم يكترث،
لكن إلحاح البائعة الصبية, جعله يمسك بيد صديقته, ويسرع الخطى،
وتركض البائعة خلفهما!
كان هذا آخر مشهد لبيع الورود أراه في زمن ربطة الخبز الذي نعيش.
سعاد سليمان