حيث نامت تلك (القبّرة)

الوحدة 9-12-2020

تجاوزت قلقها على ثلاث بيضات، نست ملامح الذكر الذي لاقحها فأنتجتها, ولم تفكر أذكراً ستفقس أم أنثى, ولم تأبه لا بقوائم الكلاب الشاردة ولا بقوائم البقر والحمير حول عشّها, الغريزة علمتها أن تبني عشها في الأرض, والواجب فرض عليها أن تحتضن البيض حتى يفقس, ومن ثم رعاية وإطعام الفراخ حتى تغدو قادرة على الطيران والتقاط رزقها بنفسها..

لم تتذمر أن الحقول خلت من الحنطة, ولا من كثرة الصيادين الذين لم يعودوا يفرّقون بين طير مكتنز لحماً، وآخر صغير كزقزقة دوري, تلك القبّرة أسلمت بما لها, وبما عليها, وحين عادت وبمنقارها أحشاء جراد, كان (الصغار) قد هجروا العش, وهل لها أن تعرف أين وجهتهم..

لأول مرّة منذ بضعة أيام تتناول ما اصطادته قبل فراخها, نفضت جناحيها, وحلّقت أفقياً, باحثة عن ذكرٍ يطارحها عشق الحياة واستمرار الوجود..

في الليل, حمل ضوءاً مبهراً, لم تعد عيني تلك (القبّرة) قادرة على الرؤية, وببرودة دمه, وبرودة سكينه, كانت الصيحة الأخيرة لها قبل أن تضع بيضة جديدة من أجل حياة متجددة..

هو هكذا الإنسان, يبرع في قتل الحياة, مع أنّ قدرته على صناعتها أقوى, لكنه لا يريد ذلك!

يارا غانم محمد

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار