من الذاكرة… (طواحين الماء)

الوحدة 2-12-2020

 

طواحين الماء كما حدثنا المعمر أبو إبراهيم: الطاحونة هي عبارة عن بناء بسيط فالمواد الأولية المصنوعة منه هي الماء والتراب والحجر والخشب, وهي بناء على نمط البيت الريفي مع فوارق بسيطة وفي داخل الطاحونة توجد فسحة مرتفعة عن الماء فهي عنصر رئيسي لإيواء أكياس الحبوب في فصل الشتاء والطاحونة تعتمد على الماء الذي يعد عنصر هام وذلك للعمل عليه على مبدأ ميكانيكي حيث إن المواقع تكون عند ضفة نهر أو نبع ويجب أن يكون الماء غزير, ويوجد حفرة مسقوفة في أسفل الطاحون تسمى الجب وهي تركب في مدخل السكر لتخليص المياه من الأعشاب والأتربة وهناك أيضاً مدفأة في أحد الجدران للتدفئة والخبز ومقاعد للجلوس ورفوف خشبية لوضع الحاجات الأخرى.

وكيف كانت الأسعار عند طحن الحبوب؟

كانت الأسعار على بركة الله ولم يكن نقداً ولا طحين بل هي قدراً معين من الحبوب يتناسب مع وزن الكيس المراد طحنه, وأيام زمان نحن لم نكن نتقاضى من الأرامل أو المحتاج والفقير, وأجرة الكيس الكبير من الحبوب عند طحنه هي رطلاً من الحبوب .

أما بالنسبة إلى العمل فقد كان شاق وكنا نعمل ليلاً ونهاراً دون توقف بسبب الحاجة وكان الفلاحون يتوافدون إلى الطاحونة من كل القرى وكثيراً ما كان الفلاحون ينامون ضمن أكياس الحبوب حتى تفتح الطاحونة بابها وهناك عطلة بالأعياد.

أما عن الأعطال ضمن الطاحونة قال:

إن أعطال الطاحونة كانت قليلة بسبب أن آلية عملها كانت بسيطة وكان بعض الرجال يقومون بالمساعدة لصب الحبوب في الدلو وتعبئة الطحين وتحميله على ظهور الدواب وكان هناك محبة وتعاون وكانت النساء تقوم بطبخ البغاجة وهي عبارة عن كمية من الطحين نعجنها في المقلاة ثم نبسط قطعة العجين ونحشوه بالبصل والسمن البلدي, وبعض الخضراوات وكانت القطعة الواحدة من البغاجة بسبب سماكتها ودسمها تكفي لعدة أشخاص, الطواحين كما يقول كانت مكان كرم وضيافة, كان كل واحد من الأشخاص يقول للآخر أمانة في رقبتك أن تأخذ ما تشاء من طحين وخبز وغير ذلك وهذا مختلف عن الواقع في يومنا هذا.

الكثير من الأشخاص القدماء يرى بأن خبز الطواحين أطيب من يومنا.

الطواحين الحديثة تبقى مستعجلة فتحرق الطحين حرق من خلال المازوت والشحوم, أما طواحين الماء فهي تعمل أحياناً سبع طواحين مع بعض وعلى ساقية واحدة وهذا فيه سر كبير لا يعرفه إلا أصحاب الطواحين وهكذا يكون السلام والمحبة والكلمات القروية التي تحمل في طياتها الطيبة من أجمل الذكريات, ويقول: يا أيتها الطاحونة ياما أطعمتي أفواهاً وطالما طلبها الجائعون فكانت قدّ الطلب على امتداد عقود من الزمن الماضي في يوم كانت فيه الآلة غريبة عن الناس وكنا نسمع بآلة ولا نراها بالعيون.

عواطف الكعدي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار