بين الشط والجبل.. الهباء

الوحدة: 23- 11- 2020

 

سألتني أمّ البنين وقد رأتني أحمل صينيّة, وأمرّر راحتي على كتفي برفق وتودّد: ماذا تفعل يا رجل ؟!

فأجبتها: كما ترين.. أنفض غبار السنوات, أريد أن ألمّها وأعبّئها في وسادة كما فعل الحمداني (سيف الدولة) بعد كلّ معركة. حتى جمع من حروبه وسادةً من غبار وأسند رأسه إليها في نومه الأبدي..

ضحكت زوجتي وقالت: ذاك. سيف الدولة.

– وأنا (سيف الدين) .

صمتت والدهشة تملأ عينيها, ولكأني قرأت ما بداخلها.. أأصاب زوجي مسّ؟

لا ريب في أنه ..؟!

وقطعت حيرتها وقلت: يا امرأة . لقد مرّ ما مرّ من عمري – وأنت خير شاهدة- وأنا ألتحف البرد, وأمخر عباب القيظ لا يضنيني سهر, ولا يتعبني تعب , وكنت واحداً من العباد الذين يؤدّون عملهم بأمانة وتفان .

وما يدهشني هذا الجيل من البشر القادر على التسلّق بمهارة القرود, ودفن الرؤوس كما تفعل طيور النعام, ويمتهنون مسح الجوخ كأحدث الآلات الأوروبية, لتريه أنه بعد مضي وقت وقد تسنّم موقعاً سلطويا. ثم أنشدتها:

كأن العمر أضحى بعض شأو         تسابقنا إليه بالسباب

يناهش  بعضنا بعضاً لأمر            يغطي نتنه كلّ الروابي

فلا المعروف يلقى من جزاء          ولا الإحسان يلقى من ثواب

– هبطت درجات بيتي الخشبية ورحت أرقب خطواتي بحذر, مخافة أن تنزلق خشبة فأكسر قدمي.

استوقفتني زوجتي وسألتني: إلى أين يا رجل؟

فأجبتها : إلى حيث أقدم طلب إحالتي إلى الهباء.

سيف الدين راعي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار