آثار كارثية للحرائق على الاقتصاد السوري وفي الساحل بشكل خاص.. د. أحمد للوحدة: ارتفاع في نسبة الفقر والإنتاج الزراعي هو المتضرر الأكبر
الوحدة : 15-10-2020
قال الباحث الاقتصادي والدكتور في كلية الاقتصاد بجامعة تشرين د. أحمد أديب أحمد إن الحرائق الأخيرة التي ضربت الساحل السوري في عشرات المواقع هي كارثة كبرى، سيكون لها آثار سلبية على الاقتصاد السوري خاصة الاقتصاد الزراعي، لأن الحرائق استهدفت بساتين الليمون ومزارع الزيتون التي يشكل الساحل الخزان الأكبر لها، بالإضافة الى استهداف الثروة الحيوانية الموجودة في المناطق التي طالها الحريق (المناحل والدواجن والأبقار)، لتأتي امتداداً للخسائر التي طالت الأراضي الزراعية منذ مدة في مصياف وسهل الغاب، وأن هذه الخسائر أودت بحياة مئات الأبقار بوباء الجدري وأفقرت العديد الأسر الريفية، وأنه لا يمكن الجزم بنسب الخسائر الحقيقية إلا بعد صدور تقارير رسمية بذلك، مشيراً إلى أن هذه الآثار الاقتصادية ستنعكس بشكل كبير على الحياة الاجتماعية لأهالي المناطق المنكوبة، وستزيد هذه الكوارث المتلاحقة من نسبة الفقر في المجتمع السوري، ويخشى أن تؤدي إلى ارتفاع احتمال حصول مجاعة إن لم تتمكن الحكومة السورية من تدارك هذا الأمر بسرعة ومعالجة آثار هذه الكوارث.
ولفت إلى ضرورة معرفة الأسباب التي أدت للحرائق والعوامل التي ساعدت على انتشارها للانطلاق منها في معالجة الأسباب لتفادي حدوثها مرة أخرى، إضافة إلى معالجة الضرر الكبير الواقع بالأهالي في أرياف اللاذقية وطرطوس وحمص، كما وقع سابقاً بأهالي مصياف وسهل الغاب.
وحول معالجة الأضرار الكبيرة الواقعة بالجبال والأرياف أشار الدكتور أحمد إلى أن مردود الإنتاج الزراعي هو المتضرر الأكبر، وهذا لن يتم الحصول عليه قبل خمسة أعوام كحد أدنى، ومن هنا فإنه من الضروري العمل على تحفيز مشاريع تنموية سريعة المردود، تقوم بتأمين الحياة الكريمة لعائلات المزارعين ريثما يتم الحصول على المحاصيل الزراعية، ومن هذه المشاريع الزراعات الموسمية سريعة الإنتاج، وتربية الأبقار والماعز والطيور الداجنة التي تؤمن غذاء ودخل يومي للأسر العاملة في الزراعة، وتساهم بتأمين الكميات الكافية لهذه المواد في الأسواق المحلية،
مشدداَ على ضرورة رفد السكان المحليين بغراس زراعية مجانية حسب ما يناسب المناطق والأراضي لهم بشكل مدروس علمياً، وإنه من الواجب رفد المزارعين بالأدوية الزراعية والأسمدة اللازمة وبأسعار مناسبة لتسريع عملية الإنتاج،
ومؤكداً على ضرورة الإسراع و بشكل مدروس علمياً بحملة تشجير واسعة لأنواع حراجية مفيدة (وخاصة الصنوبر الجوي واللوز والجوز) على كامل المساحة المحروقة من الغابات بعد تنظيم الطرق والبنى التحتية التي تحدثت عنها أعلاه.
وقال الباحث أحمد: يجب وضع خطة زراعية شاملة يكون فيها الدعم الزراعي في أعلى مستوياته، ويكون الفلاح فيها المدعوم الأول، وتتضمن إعادة رسم خارطة زراعية سورية منظمة على مستوى البلد، هدفها تحقيق أمن غذائي عالي المستوى من حيث الكم والنوع، وتوزيع الخارطة الزراعية على الجغرافيا السورية وفق أسس علمية تتعلق بالتربة والمناخ وبقية العوامل المؤثرة، ووضع أولويات للتنفيذ تتم متابعتها سنوياً من قبل مديريات الزراعة، وزيادة التعاون مع وزارات الموارد المائية والنفط والكهرباء لتأمين المتطلبات المائية والنفطية والكهربائية اللازمة للعمل الزراعي، وفتح أبواب القروض الميسرة (المعفاة من الفائدة والأقساط لخمس سنوات) الهادفة إلى ترشيد الزراعة بما يضمن زراعة مواد معينة تساهم بتنوع الإنتاج الزراعي بما يخدم خطة الأمن الغذائي، وخاصة تلك الأنواع التي تدخل في مجال الصناعات الزراعية، بحيث تضمن الدولة شراء كل الإنتاج من المزارع بشكل عادل، منوهاً بمجموعة من المقترحات لعدم تكرار ما حدث منها على المستوى الحراجي وضرورة فتح طرق معبدة داخل الغابات لقطع الطريق على النيران الممتدة، والتنظيف (التعشيف) المستمر للأراضي من القش والأعشاب اليابسة التي تساعد على اشتعال النيران وانتقالها بسرعة، وتمديد مواسير مياه مضادة للحرارة تحت الأرض في المناطق الجبلية التي لا تستطيع سيارات الإطفاء الوصول إليها، مع نهايات (رشاشات مياه) موصولة بمفاتيح خاصة في مديريات الحراج في النواحي، يتم ضخ المياه فيها في حال نشوب أي حريق بحيث تساهم بإطفاء النيران المشتعلة حولها، ويكون مصدر المياه فيها البحيرات والسدود المجاورة، مع ضرورة تركيب نهايات أنابيب مياه على جوانب الطرق الفرعية المنظمة داخل الغابات يتم فتحها مركزياً بحيث تعترض النيران الزاحفة في الغابات وتوقفها عند حد معين.
وأضاف الباحث أحمد: ينبغي وضع الأشخاص الغرباء عن المنطقة ومن يتعامل معهم تحت المراقبة لضبط أية تحركات مشبوهة، وتشكيل لجان أهلية لمراقبة الطرق الزراعية والمداخل الفرعية وحماية مداخل الأحياء، كما يجب وضع الأولويات لشراء طائرات خاصة مهمتها إطفاء الحرائق بشكل سريع ومركز.
وحول الأسباب التي أدت لنشوب الحرائق، أوضح الدكتور أحمد أن ما يجمع هذه الحرائق أنها مفتعلة والقصد منها إحراق الغطاء النباتي الريفي في الساحل وحمص وحماه ، وأن هناك الكثير من الدلائل على ضلوع أشخاص قاطنين في المناطق نفسها، يعرفون الطرق الرئيسة والفرعية فيها، ليستطيعوا القيام بجريمتهم والهروب مباشرةً، وهم مألوفون لأهالي المنطقة كيلا تولّد تحركاتهم مصدر شك لدى الأهالين
مؤكداً وجود ما يثبت وبالأدلة طيران مسيّر في بعض المناطق مزود بالتقنيات الحديثة في افتعال الحرائق، خاصة أن المسيّرات يمكن التحكم بها عن بعد، وإن هناك احتمالات كبيرة أن تكون مصادر هذه المسيَّرات هي مناطق ريف إدلب وريف اللاذقية المحتلة من قبل المسلحين التابعين للعدو التركي، وهذا أمر لابد للجهات المعنية من متابعته وتوعية المواطنين في الريف لكيفية التعامل معه بالبندقية الآلية إن توفرت.
تمام ضاهر